تفرغت منذ ايام للقراءة في كتاب التفسير الكبير المشهور بمفاتيح الغيب للإمام فخر الدين الرازي وهو من أعمق التفاسير القديمة وأروعها بدون منافس واستوقفتني في التفسير أقوال إمامين من أئمة التفسير تتسم بالعقلانية والموضوعية واعتبرهما من أعظم المفسرين على الإطلاق هما الإمام مجاهد المكي المتوفي في 101 هجرية والإمام أبو مسلم الأصفهاني المتوفي سنة 322هجرية. اشتهر الإمامان بمخالفتهما للجمهور في عدد من المسائل التي يتفق العقلاء اليوم على ترجيح أقوالهما مع أن الإمام الرازي لم يمتلك الشجاعة الكاملة لترجيح اختيارات الامامين البديعة إتباعا للجمهور ومنها. تفسير مسخ بني اسرائيل إلى قردة خاسئين بالمسخ المعنوي للعقول والأفئدة وأن قوله تعالى كونوا قردة لا يختلف عن قوله كونوا حجارة أو حديدا وقوله كمثل الحمار يحمل أسفارا. اتفق مجاهد وأبو مسلم الأصفهاني أن الآيتان في سورة النساء اللتان حددتا أحكام مرتكبي الفواحش لا علاقة لهما بالزنا فقوله تعالى واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم تتحدث عن فاحشة خاصة بالنساء وقوله تعالى واللذان يأتينها منكم تتحدث عن فاحشة خاصة بالرجال ومن أدلتهم على ذلك صيغة التثنية في قوله تعالى واللذان. لأبي مسلم تفسير رائع لقوله تعالى ( بصرت بما لم يبصروا به ) رفض فيه تفسير المفسرين للآية أن المقصود اثر فرس جبريل واعتبر ذلك تفسيرا خرافيا قال أبو مسلم الأصفهاني : ليس في القرآن تصريح بهذا الذي ذكره المفسرون فهاهنا وجه آخر وهو أن يكون المراد بالرسول موسى عليه السلام وبأثره سنته ورسمه الذي أمر به واستطرد في شرح رأيه حتى قال الإمام الرازي واعلم أن هذا القول الذي ذكره أبو مسلم ليس فيه إلا مخالفة المفسرين ولكنه أقرب إلى التحقيق لوجوه ذكرها الرازي في تفسيره . كان أبو مسلم الأصفهاني من أوائل من رفض تفسير المفسرين لقوله تعالى «خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها» بأن حواء خلقت من ضلع آدم، وأكد أبو مسلم الاصفهاني أن المقصود بخلق منها أي من جنسها الذي خلقت منه. وقد حاولت البحث عن أقوالهما في تفسبر انشقاق القمر فلم أعثر عليها ولا أظنها تختلف عن رأي الحسن البصري والإمام عطاء في أن الانشقاق لم يحدث بعد وسيكون يوم القيامة وأن الفعل الماضي يأتي أحيانا بمعنى المضارع أو أن معنى أنشق القمر أي أنشق من الظلمة وبان وهو مثل تضربه العرب لتأكيد وضوح الحقائق. يبقى أن اشير هنا إلى أن تفسير أبي مسلم الأصفهاني كان أكثر من أربعة عشر مجلداً واختفى تماماً والوسيلة الوحيدة للعثور على أقواله هي ما دونه المفسرون في القرن الخامس الهجري في تفسيراتهم ومن أهم هذه التفاسير تفسير الإمام الرازي مفاتيح الغيب. رابط المقال على الفيس بوك