ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة التي يسقط فيها قتلى وضحايا للأعراس أو مرور مواكب الأعراس .. بل سنشهد حوادث أخرى مادامت ثقافة التعالي على الآخرين وأعراس الذوات ومواكب المشايخ والمتنفذين تزهق أرواحنا في وضح النهار، دون أدنى سبب. وماحادثه إزهاق روحي شابين في مقتبل العمر “ حسن أمان، خالد الخطيب” في صنعاء الأسبوع الماضي، على يد مسلحين يتبعون أحد المشائخ إلا واحدة من حوادث القتل المؤلمة التي ينتهجها وينفذها البعض بهمجية ووحشية دون أدنى اعتبار للإنسانية. فلمجرد أن تجاوز الشابان بسيارتهما موكب العرس المشيخي المدجج بالسلاح والمرافقين أو حتى اصطدام سيارتهما بسيارة إحدى سيارات موكب العرس أمطر المسلحون سيارة الشابين بنيران الهمجية والتصرف الأرعن، وبلحظة غطرسة وانتشاء أنهوا حياة شابين وقتلوا آمالهما وطموحاتهما. أيّ إنسانية هذه عندما يغدو القتل أمراً سهلاً بالنسبة للبعض. أيّ أعراس هذه التي تقيم أفراحها على أحزان الآخرين، وجثث الضحايا ثم يسارع القتلة إلى التحكيم القبلي. جريمة بشعة، وسلوك مرفوض، ويجب أن لا تمر هذه الجريمة كعادة حوادث القتل مرور الكرام، فبناء الدولة المدنية الحديثة يبدأ من هنا أن ننصف المظلوم من الظالم وأن نقتص للمقتول من القاتل.. كي نؤسس لمواطنة متساوية يتساوى فيها الصغير والكبير والشيخ والمواطن البسيط. لذا يجب تسليم الجناة فوراً، دون إبطاء للأجهزة الأمنية، حتى تأخذ الإجراءات الأمنية والقانونية حيال القضية، وحتى لا تخوض ألسنة البعض في إطلاق الأحكام مسبقاً، وتحميل القضية أبعاداً سياسية، ووصف المشايخ والقبيلة بأوصاف قبيحة.. هذا إذا أرادوا دولة مدنية حديثة.. دولة مواطنة متساوية وعدالة حاكمة، كما كان دورهم الرائع والمشهود إبان الثورة السلمية. في اعتقادي، ما كان لهذا التصرف الأحمق والسلوك غير السوي وغيره كثير أن يحدث لولا أن الثورة لم تستكمل أهدافها بعد.. في إيجاد بنية واضحة للدولة، وكذلك التراخي والتباطؤ في معالجة الاختلالات الأمنية، في ظل فوضى انتشار السلاح وتهريبه وهو ما ينتج عنه حوادث قتل يومية لأناس أبرياء على أتفه الأسباب. يا إلهي.. في بلادي هنا القتل بالمجان.. فهو يترصّدنا في كل مكان.. فمن لم يمتْ بالحوادث المرورية.. ترصدته طائرات ال«سخواي» ومن لم يمت برصاصة طائشة، تكفّلت به أعراس الذوات ومواكب المشايخ. ألا تكفينا حوادث القتل اليومية، والاغتيالات.. وخلافات الأراضي والمياه.. حتى نبتلي بالأعراس القاتلة..؟! الأعراس مصدر فرح وسعادة.. ونحن اليمنيين بعاداتنا وتقاليدنا بحمل السلاح حوّلناها إلى مصدر آلام وتعاسة.. فكم من عرس تحوّل إلى مأتم.. بسبب السلاح، فاليوم طغت على أعراسنا مظاهرالبهرجة والافتخار والزهو بالنفس، وإطلاق الأعيرة النارية في الهواء.. وموكب العرس يجوب الشوارع بسرعة جنونية.. وشبان يؤدون طقوسهم البهلوانية “التفحيط” في وسط الشارع.. إزعاج للمارة.. وبث الخوف والرعب فيهم.. مكبرات الأصوات مرتفعة.. قطع للشوارع ونصب الخيام.. بسبب عرس فلان.. أعراس وأفراح قاتلة.. تقتلنا كل يوم، تقتل الفرح في نفوسنا.. والأمن في مدننا.. مثل هذه الأعراس القاتلة يجب أن تفرض للدولة هيبتها وتأخذ إجراءات وقرارات حازمة تُوقف عبث الأعراس التي تصطاد أرواح الأبرياء. رابط المقال على الفيس بوك