إن زيارة دور الإصلاحيات والاستماع إلى معاناة نزلائه وظروف دخولهم إلى السجن، لا بد أن تتكشف حقيقة (ياما في السجن مظاليم) ليس هذا فحسب، فقد تصاب بالحسرة والألم حينما يكون المظاليم من الجنس الناعم، والذي يتعدى ظلمهم غدر الزمن وبلادة عسكر أجهزة الضبط وغياب عدل القضاء.. هؤلاء النسوة اللاتي وجدن أنفسهن مكرهات خلف القضبان لا أحد يعيرهن أدنى اهتمام، وكأنها لا ترقى إلى صفة الآدمية. المجتمع اليمني سباق في ضرب مثل سيء في تعامله اللاإنساني مع المرأة؛ حينما يتبرى منها بمجرد تخطيها عتبة السجن.. المسافة تتباعد بينهما والاقتراب ممنوع، الكل يخشى أن تطاله لعنة المجتمع.. إلى متى ستظل تحكمنا وتكبلنا التقاليد البالية التي لا تفرق بين السجينة التي ارتكبت عملاً فاضحاً وبين من دافعت عن شرفها من عديم الشرف؟ وتنظر إلى المرأة نظرة قاصرة، تتمنى لها الزوال، كيف لا ونحن من يحقرها ويعتبرها فتنة تمشي على قدمين و نرى موتها سترة، وننصح بضربها قبل الغداء وبعد العشاء، فكيف سيكون حال من جرت من شعرها ليكون مستقرها السجن وما أدراك ما السجن؟! هنا سيتمنون أن تبتلعها الأرض حتى تمحى من ذاكرة حياتهم، هذا ما ورثناه من تراثنا المتخلف، ولهذا ظلت المرأة مكانك سر، لا تتقدم خطوة إلا بعد أن تتلفت في جميع اتجاهات البوصلة. في اليمن وصل التميز بين الرجل والمرأة أن اعتبر السجن للرجال، بينما المرأة موتها أهون من سجنها حتى وإن دخلته بالغلط.. السجون الرجالية شيدت في ربوع الوطن ليكونوا في ضيافتها، بينما المرأة لا سجن تحتجز فيه، إلا ما ندر في المحافظات الرئيسة، وهناك محافظات لا توجد بها إصلاحيات للنساء تتبع الدولة بل سجون (قطاع خاص) كسجن (كرم) في باجل الذي يتوارثه أجيال آل كرم، بمن فيه من سجينات وعلى الرغم من الدولة سجناً حديثاً لهن، إلا أن القائمين على الأمن يستكثرون على المرأة سجناً حكومياً باسمها و يفضلون الخاص عن العمومي لغرض في نفس يعقوب. إن المرأة السجينة بحاجة إلى مناصرة وبناء قدرات ودعم مادي ومعنوي ورعاية للأطفال، الذين ينجبون داخل السجن ويحدد مقر إقامتهم خلف القضبان مع المجرمين، وأهم شيء الدعم النفسي داخل السجن، وبعد خروجها حتى تستطيع أن تواجه المجتمع الذي لا يرحم. رابط المقال على الفيس بوك