كل ما أتذكره عن أردوغان الآن تنميته الاقتصادية المتميزة لتركيا، فضلاً عن نصيحته لمبارك مع بداية الثورة المصرية بالتوقف عن العنف وترك الحكم فوراً لأن لا أحد مخلد. غير أن اردوغان طلع عربي مش تركي إذا أمكن التشبيه بحيث تعامل بنفس العقلية السلطوية التي نعرفها وتفاقم من القمع فقط بينما نعرف أن القمع ليس حلاً على الإطلاق. وخلال أسبوع كان آلاف الأتراك اتحدوا بصيحة واحدة «كتفاً بكتف ضد الفاشية».. ولقد انتاب الإخوان في عموم العالم الهوس البالغ لأن حلم الخلافة يمسه الضر. ولقد امتدت المظاهرات ضد اردوغان دون أن يتوقع أحد لكافة المدن التركية في ظل استمرار قمعها. ويمكن القول: إن اقل النتائج ضرراً لتركيا ولنسيجها الاجتماعي في حال استمرار الوضع تتمثل في الانتخابات المبكرة جداً مالم فإن كرة الثلج ستكبر على نحو مهول-مكللة بالفوضى والعنف المضاد- لترتطم بالطغمة الاردوغانية وتهشم كبرياءها تماماً. وبرأيي أن القضية الأساس وراء اشتعال الأتراك ضد أردوغان تورطه في سوريا إذ إن هناك من صار يرى الأمر مساندة لجرائم حرب. الغريب الأكثر بجاحة بالفعل هو أن النظام السوري كشر عن سخريته من أردوغان كما طالبه بعدم قمع شعبه وكأن نظام الاسد كان يوزع الورود على السوريين طيلة عامين وأكثر. المهم أن الوعي البيئي في تركيا كبير جداً بينما الناشطون الخضر لديهم مبادئ عميقة والرجل قام بمواجهة اشجار وقطعها كانت في المنتزه التي تم هدمه. وازداد الأمر حين استمر أردوغان على موقفه ليهدم ايضاً قاعة احتفالات تقسيم الشهيرة التي اقيمت تخليداً لذكرى مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية الحديثة وإقامة مسجد. أما قانون الحد من المسكرات فقد اعتبره الاتراك العلمانيون انتهاكاً لحريتهم الشخصية وهؤلاء يقدسون الحريات الشخصية جداً كما أنهم ضد أن تكون تركيا محافظة اكثر وهم يمجدون تركيا العلمانية بشكل مثير. إنهم يرون أن السياسات الاردوغانية في هذا السياق تمثل تمييزاً ضدهم لايستسيغونه كما يأملون إعادة الروح التركية الاتاتوركية في هذا السياق .. وبالمقابل ينطلق حزب العدالة والتنمية من أن اغلب الشعب مسلمين ويجب اتخاذ موقف حاسم ولو تدريجياً تجاه اشكاليات كهذه. وهكذا: يرى العلمانيون حتى المسلمين منهم أن تركيا بلد ديمقراطي ليبرالي وحرية الفرد يجب أن لا تمس بينما يرى قطاع واسع من الشعب التركي أن التيار الإسلامي السياسي الحاكم يريد تطبيق مفاهيمه الثقافية على المجتمع وأسلمته، رافضين خلط الدين بالسياسة مايؤثر على دستور تركيا العلماني. الحاصل أن طغمة اردوغان يعتبرون الكحول مثلاً مصدراً لعديد من المشاكل وأن على المسلم ان يكون ملتزماً. وبالمحصلة يؤمن مناهضو أردوغان أنه متسلط ويريد صياغة مسار تركيا على مزاجه حتى أنه يشجع اجراءات فرض الحجاب ما يعتبرونه قسراً للمجتمع في حين يكمم الإعلام ليتجاوز ضحاياه من الصحفيين المسجونين الأربعين صحافياً. باختصار: تتفاقم التداعيات في تركيا كما نرى وبالتأكيد ليس في القمع حل، فإلى أين تذهب تركيا؟ إلى أين تذهب تركيا وكلنا نعرف أن القمع يصطدم ايضاً مع معايير الاتحاد الاوروبي الذي لطالما أرادت تركيا الانضمام له. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك