علينا أن نعلم أن الاصلاحيين في إيران هم تعبير صارخ لأزمة حكم و«لاية الفقيه»وعن ثورة تتشكل لم تصل إلى مداها بعد ، الإصلاحيون إلى الأمس كانوا ممنوعين من النشاط وبعضهم مازال في السجون ، الآخرون في إقامة جبرية بعد ثورة عارمة انطلقت بعد الانتخابات الماضية التي اتهم فيها الاصلاحيون المحافظين بالتزوير وتم قمعها بقوة وعنف سالت فيها دماء غزيرة يعني الخلاف حقيقي ومش تقية ولا مسرحية كما يحاول البعض أن يبسط الأمر، لقد مزقت وأحرقت صور الخميني في طهران وليس في مكان آخر لما لهذا الأمر من دلالة تمس جوهر العقيدة الشيعية. السماح بفوز المرشح «روحاني» المدعوم من الاصلاحيين جاء أصلاً لتفادي ثورة ثانية وتأجيل الصدام مع الشارع الايراني ربما لن تصمد فيه سلطة المرشد المطلقة هذه المرة خاصة في ظروف حساسة وإيران غارقة في العراق وسوريا وأكثر من ملف والاقتصاد الإيراني «مطين» في الوحل، والتبرم الشعبي يتصاعد ضد سلطة المرشد التي يمارسها باعتباره ممثل الإمام الغائب يعني ممثل الله في أرضه، وإحراق صور الخميني كان عبارة عن إحراق لشيء مقدس وعقيدة وليس احتجاجاً ضد سياسة وهذا أمر مهم في المشهد الإيراني على المدى البعيد والخلافات ستتصاعد بغض النظر عن استمرار السياسة الخارجية نفسها ، فهم في النهاية أياً كانوا يمثلون إيران وليس العرب، لكن الأمور قادمة عاجلاً أو آجلاً على ثورة شعبية ناسفة ضد المرشد وضد فكرة ولاية الفقيه وضد المذهبية الطائفية الحاكمة، إن الأزمة في إيران عميقة تتمثل في أن معارضة سلطة المرشد معارضة لله وخروج عن المذهب الجعفري وكفر بالإمام الغائب وسقوطه سقوط للمذهب ، هكذا هو الأمر ومحل الأزمة أن أي سلطة لابد أن تنتهي بثورة ولها عمر كعمر الانسان ، والثورة قائمة أصلاً والسجون ممتلئة وانتخابات «روحاني» بهذا الزخم هي صورة من صور هذه الثورة التي قمعت وإعادة اعتبار لها، والثورة هنا ستكون ضد ولاية الفقيه وخرافة الإمام الغائب وكما أحرقت صور الخميني في طهران قبل سنوات سيجتث سلطة المرشد وفكرة الإمام الغائب عندما تصل الثورة الى الذروة ، ومن ثم سيضرب المذهب وسلطة رجال الدين في مقتل وهم الذين بقوا طيلة التاريخ بسلطتهم الروحية التي لا تتأثر بالعواصف السياسية مع ما فيها من أموال و«خمس» وسلطة حقيقية بدون أي أتعاب أو أثمان ، أما اليوم ومع فكرة سلطة الولي الفقيه وممارسته للسياسة فإن السياسة كفيلة بإسقاط خرافة الإثنى عشرية والإمام الغائب في شوارع إيران وربما تكون الضربة القاضية وتعود إيران إلى تاريخها السابق كدولة إسلامية سنية كما كانت قبل مجيء الصفويين أو تتحول إلى دولة علمانية .. أنا شخصياً لا أرى سيناريو آخر. هناك استبداد وعقيدة حاكمة يمارسها المرشد والمؤسسة الدينية وفساد أيضاً وهناك ثورة تتشكل وهي لن تكون ضد حاكم كما كانت ضد الشاه بل ضد المذهب والفكرة المسيطرة والمؤسسة الدينية الحاكمة التي لم يسبق لها أن تورطت بورطة الحكم منذ تأسيس فكرة الشيعة بدوافع سياسية والتي أجلوها إلى مجيء الإمام الغائب،وللتوضيح فإن سقوط مرسي والإخوان مثلاً في مصر لن يكون سقوطاً للإسلام ولا لمذاهب السنة إنما سقوط لمرسي وللاخوان كسقوط أي حزب في العالم ،أما سقوط حكم المرشد «الولي الفقيه» فإنه سقوط للمذهب وكفر بولاية الإمام الفقيه ومن ورائها «الإمام الغائب» أساس عقيدة الشيعة ، ولهذا يفطن بعض رجال الدين لهذا المأزق ويرون أن ولاية الفقيه ستكون عبارة عن رصاصة الرحمة لهذا المذهب الغريب والمسخ وسيكون السقوط سقوطاً ل«الآيات» و«الحوزات» وللمدن المقدسة التي لوثتها السياسة بل كشفت صورتها الحقيقية، وهم لذلك شرعوا مبكراً في التحذير من الفكرة ومن هذا المآل واعتبرها البعض مؤامرة ضد المذهب وهالة الإمام الغائب الذي سيهتف ضده يوماً الشعب الايراني عندما يسقطون ممثله الولي الفقيه وينتهي عمره كدولة.. ولله في خلقه شؤون. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك