لاعجب أن توجد في حياتنا هذه التناقضات.. لكن أن تصل إلى ماوصلت إليه, فلم يرد هذا على خاطرنا يوماً ما, وأن نصل لحد نرفع فيه أيدينا إلى السماء, ونحن نبتهل ونصرخ بأعلى صوت من شدة الضيق والقهر والظلم والأسى الذي بتنا نعيشه, فحكومتنا الرشيدة باتت تعاملنا كما لو كنا لاجئين, مع كون الصوماليين باتوا أحسن حالاً منا في هذه النقطة, أما نحن فتمارس فينا كل وسائل التطفيش والإثارة.. وأولها الكهرباء. أومايشبه بشيء اسمه الكهرباء, الكهرباء التي لم تسلم من سلطة من لانعرف في هذا البلد, ونعذب لها ليلاً ونهاراً, فحتى الفلسطينيين الذين يعيشون مع اليهود, بنفس الحارات والبيوت, لايعيشون هذا العذاب, وعندما نسأل: لماذا وصلنا لهذا الحد, إخواننا في المحافظات الجنوبية يشتعلون وهم أحياء يتنفسون هواءً ملتهباً, وحوادث الحروق لايخلو منها بيت, ومنهم ابنتي الرضيعة التي أحرقت أصبعها بالشمعة, ومن تنفجر بيوتهم من الشمعة والغاز, ومن ينامون على الشمعة وهم يذاكرون للامتحانات الثانوية العامة, ومن.. ومن.. ومن..ونحن نئن بصمت في هذا الوطن, وإذا سألنا: من المسؤول؟ قالوا: هناك شيخ غاضب في مأرب يطلب الإفراج عن صديقه, الذي قتل في حضرموت وعندما حُكم على صاحبه بالإعدام, اعترض الشيخ وقرر إحراقنا جميعاً لأجل صاحبه القاتل, الذي يطالب بإخراجه, وكأن شيئاً لم يكن. فبالله على كل من لديهم عقول في هذه البلاد, هل يعقل أن الدولة بكل أجهزتها, من شرطة وداخلية وأمن قومي وسياسي وووووو..عاجزة عن سحق وحرق من يحكمون على شعب بأكمله هكذا؟ بالله عليكم هل سمعتم بهذا في أي بلد نام ٍ. متخلف على وجه الأرض منذ بدء الخليقة, هذا يعني أن ذلك الشيخ له حكومته, أو بمعنى أصح أن حكومتنا هذه هي حكومته وحده, ولأين من أولاده أو حتى أحفاده, أن يتسلوا بعد القات, بلعبة(النصع) أو المسماة بالقنص بخطوط الكهرباء, ولايهم ماسنعانيه نحن, لايهم أن تحترق بيوتنا, ويرسب أبناؤنا, ويجوع أطفالنا, وتغتال أحلامنا وإبداعنا, لايهم كل ذلك, مادام هذا هو مزاج حكومة الشيخ.. وعليه فنحن في وطننا الحبيب بحاجة ماسة لمئات الثورات, وأولها ثورة على المشايخ الذين يستعبدون حتى الحجار والنبات, وثورة على القات والمقوتين الذين دمّروا حياتنا منذ عقود وعقود, وثورة على السرق الذين يزيدون مع كل ثورة, وثورة على القطاع الخاص الذي يسلخ البشر سلخاً وهم أحياء في المدارس والمستشفيات, وثورة على التجار الذي يلعبون بالبشر كدمى, متى ماشاءوا أضحكونا, ومتى ماشاءوا أبكونا, وثورة.. وثورة.. وثورة.. وهكذا إلى قيام الساعة.. ودامت حكومة الشيخ.