غدا الاحد 30/يونيو سيخرج قطاع واسع من الشعب المصري الى ساحات وميادين المدن لمطالبة الرئيس محمد مرسي وجماعة الاخوان المسلمين بترك الحكم، بعد عام من الانتخابات الرئاسية التي أوصلت مرسي للكرسي . بغض النظر عن تحقيق هذا المطلب من عدمه لكنه يؤشر ان صوتا قويا ومؤثراً بدأ يعي المأزق الذي وصل إليه بلد كبير مثل مصر، وتحول دورها الريادي في المنطقة ،الى دور هامشي ضعيف بفعل السياسات الخرقاء للجماعة ،التي ظنت ان انتهازيتها في التعامل مع الأحداث لن يسقطها بعجلتها من على حبل السرك. الجماعة آخر من التحق بشباب ميدان التحرير، الذين فجروا ثورة مصر الثانية(ثورة 25 يناير) ثم تركت الناس منشغلين بموقعة الجمل وذهبت تفاوض عمرو سليمان، لاقتسام السلطة مع نظام مبارك ،لأنها لم تكن متيقنة من سقوط النظام تماما، وبعد سقوطه نسقت مع المجلس العسكري لضرب مكونات الثورة الاخرى ،ووعدت بعدم الاستحواذ على اغلبية مجلس الشعب، ولن تتقدم بمرشح في انتخابات رئاسة الجمهورية، لتطمين المجلس الذي ظن (بحكم غشامته السياسية) أن بمقدوره الزج بمرشحه الى واجهة الحكم ليبقي على تأثيره في مسار العملية السياسية في البلاد التي كان فيها العسكر الحكام المطلقين على مدى ستة عقود. الكل يعرف تفاصيل ما جرى لاحقا من الاستحواذ على اغلبية اعضاء مجلس الشعب، والتقدم بأكثر من مرشح للرئاسة ،بفعل حسابات العمل السري الذي يجيدون طبخه تماما، خوفا من الاستبعاد ،وهو ما كان فعلاً من استبعاد خيرت الشاطر، ليصعد الاستيبني مرسي (التاير المبنشر)حسب التعبير الشعبي اليمني. تاليا قام مجلس الارشاد(بواسطة مجلس الشعب ، والذي ثبت لاحقاً عدم شرعيته بحكم المحكمة الدستورية منتصف العام الماضي) بتشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، بأغلبية ملتحية، عمدت الى طبخ دستور غير متوافق عليه، صوتت كل المدن الرئيسية ،والتجمعات الحضرية الحاضنة للطبقة الوسطى والشرائح المدنية، ضد عنصريته، اما تجمعات العشوائيات والهامش، والريف حيث تتفشى الأمية وتغيب برامج التنمية وتحضر أنشطة الجمعيات الخيرية للإخوان والسلفيين، فقد كان تصويت التجمعات السكانية فيها ب«نعم». جمهور هذه التجمعات سيغدو سهل الانقياد الى مهرجانات التأييد للرئيس والجماعة، في المدينة التي يناصبونها العداء فيدخلونها بمزاج بدائي ،أو كما قال وائل عبدالفتاح في صحيفة السفير:(يلبون النداء، لا يفهمون ان نداء السياسة مختلف، وأن غزو مدينة بأتوبيسات ليس «عبادة». ولهذا تبدو رحلتهم في عداء مع المدينة وأهلها، والمدينة تعاقبهم بالخوف منهم، ومن الضياع فيها، ومن الحياة داخلها، غرباء غير مرغوب فيهم. المدينة نداهة الريفيين. لماذا تخيفهم في «غزوات قندهار» المتتابعة الى درجة تحولها الى تيه كبير (كما حدث في هجوم الاتحادية). النداء ليس مقدساً، وإن تغطى به، فما علاقة الدفاع عن كرسي رئيس بهتاف «لبيك يارسول الله»، كأنهم يقنعون جيوش غزواتهم بأنهم يدافعون عن الرسول والإسلام (بالروح بالدم نفديك يا إسلام)).. هذا المخزون الاستراتيجي للجماعة، ورهانهم عليه سيطول ما داموا يربون فيه، حاجة الصدقة ،وليس مواطنين لهم الحق في المال العام ، أو كما قال عمار علي حسن في موضوعه المعنون ب (التركيبة الاجتماعية والاقتصادية للاخوان المسلمين في جريدة الحياة: تجربة الإخوان الاقتصادية لن تعدو أن تكون مجرد تجميل للرأسمالية الغربية بمساحيق فقهية، سيطلق عليها زوراً وبهتاناً أنها الرؤية الاقتصادية للإسلام، من زاوية «الاستمتاع بزينة الحياة الدنيا»، و «التحدث بالنعمة»، و «حق التملك الخاص»، ليبقى للفقراء مجرد صدقات لا حقوق، من دون اعتناء بضرورة توافر حد الكفاية أولاً. انتهازية الاخوان الخارجية بدأت منذ وقت مبكر بفتح الخطوط مع واشنطن، التي سهلت لهم الوصول الى البرلمان عام 2005م،وسيكون رد الجميل لواشنطن مضاعفاً بتحويل الجماعة شرطيا جديدا لحماية أمن اسرائيل ،حتى ان علاقة الجماعة بإسرائيل ،غدت افضل من كل الاطراف الاخرى في الوقت الراهن حسب ما ذهب اليه الكاتب الصحافي الامريكي ديفيد اغناتيوس، في مقاله (الانحدار نحو الخراب في مصر). في فترة حكمهم الحالية وثقوا العلاقات اكثر ،بإيران، حتى انهم بدأوا بإحياء فكرة الوحدة الاسلامية(اعلامياً) ،التي كانت ايران الخمينية، قد بدأت بتسويقها مطلع ثورتها، أواخر سبعينيات القرن الماضي (قبل ان تكشف عن مشروعها الطائفي المغلق)، وان جناحي هذه الوحدة ستكون افكار المرشدين(في طهرانوالقاهرة)، توثيق العلاقة بإيران كان لابد أن يمر عن طريق روسيا والصين ،وكل ذلك من أجل ابتزاز واشنطن والغرب ودول الخليج ،التي بدأت بالتضييق على نشاط الجماعة في بلدانها. وحين جاء الضغط مغايرا من واشنطن وقطر والسعودية ،واعلان واشنطن تسليح المعارضة ظهر مرسي بخطاب قطع العلاقة بسوريا بحضور أمراء الجماعات المتطرفة في استاد القاهرة منتصف يونيو في لقاء سمي ب (مؤتمر الأمة المصرية في دعم الثورة السورية ) شحذ فيها أمراء التطرف ألسنتهم ضد خصومهم السياسيين بخطب أقرب إلى فتاوى تكفير الجميع سمعها مرسي واستوعبها بأذن وعقل عنصر في الجماعة ،وليس رئيساً لكل المصريين. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك