ككل البلابل في هذا الوطن عاش فقيد الشعر الشاعر محمد عبد الباري الفتيح يصدح لهذا الوطن ويغني أوجاعه وأحلامه..اقترب من الناس وعاش معاناتهم وجسّدها وعبّر عنها بشعره الذي كانت لغته بسيطة وقريبة إليهم. أحب الأرض وأحبته فكان الإنسان والأرض هما العنصران اللذان أخذا مساحة كبيرة في شعره. وككل البلابل – أيضاً - والمبدعين لاقى الشاعر الفتيح الكثير من التهميش والجحود والنكران من قبل الدولة ممثلة بمؤسساتها الثقافية والأدبية والفنية في حياته وعند مرضه وبعد رحيله. تتجلّى أمام المبدع في هذا الوطن ثلاثة خيارات هو فيها ليس مخيراً. أولها: أن يسافر أو يهاجر من هذه البلاد – إذا وجد فرصة - إلى بلاد تحترم إنسانيته أولاً .وتقدر موهبته وإبداعه ثانياً .. وتمنحه فرصة للعيش كريماً في هذه الحياة وقد خاطبت الوطن مرة عند وداع أحد الدكاترة المميزين الذي وجد فرصة للحياة خارج هذه البلاد التي يختنق فيها البلابل والمبدعون ويعيش فيها الغربان واللصوص الحياة الهانئة: (ما للبلابل تنأى عنك ياوطني تبغي سواك ترى هل صرت عريانا أرى سماءك قد ضاقت بهم وطناً وأنت تفتح للغربان أوطانا • الخيار الثاني هو أن يصبر المبدع على الحياة في هذا الوطن ويموت فيه كل يوم مرة أومرتين. • أن يرحل عن هذه الدنيا ككل الطيور التي تموت ولا يأبه بها أحد..وهذا المصير هومصير حتمي لكل إنسان ولكل كائن حي ..لكن عندما يظل المبدع يعصر روحه لأجل وطنه ثم ينسحب من الحياة دون أن يشعر به أحد هنا يكون الألم كبيراً وقاسياً. وقد عاش الشاعر الفتيح الخيار الثاني وأجبر عليه كما أجبر أخيراً على الانسحاب من هذه الحياة بعد أن شبع نكراناً وجحوداً واختار ان يرحل حاملاً معه قلمه وحبه لهذا الوطن. شرفة: في وداع الشاعر الفتيح : رآها في دروب التيه تمضي وتغرق وسط ليل من شقاء رآها.. يعبثون بمقلتيها كأقسى مايكون من الجفاء رآها كم تحنّ إلى ربيع يدثرها من الليل الشتائي فناداها : أيا صنعاء عودي (تعبت من البكا ومن الرثاء) (تعالي كي نشذّب ماتبقى) (من الأحلام في طرف المساء) (سأغرس في رباك صدى لحوني) وأسقي تبر أرضك من دمائي وقد غنيت حبك منذ حلم (ومازلتِ المليكة في غنائي) (وقد سميتني يوما فُتيحا) (فكان القلب مفتوح الوفاء) ولملم روحه من كل حرف ليعصرها لملهمة الضياء ولكن ليلهم قد كان أطغى وعيناها توارت في الهباء ولمّا لم يجد للروح رجعٌ وكان الصوت مخنوق الرجاء تشقر با السحابة مستقلا براق الحب أخلد للسماء وأهداها قبيل الوعد غيثا* عساها تذكر القلب الفدائي *غيثا : هو المطر ..والمقصود هو مطر نجل الفقيد الشاعر الفتيح. براق الحب ..أخلد للسماء عساها تذكر القلب الفدائي (القيت القصيدة في منتدى تنمية الثقافة بتعز (في مستشفى الجبلي ) في فعالية عن الشاعر الفتيح رابط المقال على الفيس بوك