أظهرت امتحانات الثانوية العامة أن التعليم في اليمن أكثر من هش؛ فها نحن نشهد موسم الغش بأعلى مستوياته في أغلب المراكز الامتحانية والتي تفنّن الطلاب وأبدعوا في استخدام تكنولوجيا الاتصالات (الجوال والوتساب والبلوتوث) وبرامج نسخ الكتاب المدرسي مع خدمة سرعة البحث عن الإجابة النموذجية. طلاب الثانوية تجاوزوا وزارة التربية والتعليم بأكثر من خطوة، وتحدّوا كافة إجراءاتها للحد من الظاهرة؛ حتى حينما وضعت الأسئلة في دفتر الإجابة كانوا مستعدين للتعامل مع أسوأ الاحتمالات، ومثل ما كانت ورقة أسئلة الامتحانات تخرج طوعاً فعلها طلابنا مع الدفاتر وبنماذجها المختلفة، ووجدنا في عدن أشبه بسباق الماراثون للغشاشين يفرّون بالدفتر من المركز الامتحاني بحثاً عن الحل خارج أسوار المدرسة ومن ثم يعودون بسرعة البرق إلى مراكزهم تحت أعين اللجان الامتحانية وتهاون الحراسة الأمنية، كانوا مفضوحين، استحقوا العقاب لأن الغش في هذا الزمان يحتاج إلى فهلوة لا بلطجة. إني أستغرب إلى متى سوف نظل نعمل للثانوية العامة (زحمة) على الفاضي والمليان، لماذا لا تكون مثلها مثل غيرها من المراحل الدراسية خاصة أن المعدل المرتفع والمنخفض لم يعد الأساس للالتحاق بالتعليم الجامعي، وبعد أن صارت اختبارات القبول هي الفلتر الذي لا يقبل مرور شوائب التعليم من الطلاب الغشاشين؛ هذا إن وجدت معايير حقيقية لا تعترف بالوساطات والمحسوبية وإن كنت أشك في ذلك. إن الغش معضلة بلا حل مادام التعليم في تدهور مستمر، والأسرة تباركه وتعتبره حقاً من حقوق أبنائها؛ لذا فإن إلغاء العامة من الثانوية ضرورة لابد منها؛ لأنها أضرّت بالتعليم وحوّلت طلابنا إلى فطاحلة في الغش وإلى جانب الملايين التي تُنفق للجان الاختبارات والحراسة والمصححين لا تأتي أكلها وتذهب هباء منثوراً، فتلك الأموال يمكن أن نبي بها مدرسة أو نحسّن من وضع المعلم، ونعيد تأهيله بحيث يكون قادراً على العطاء في الحقل التربوي. إن مخرجات التعليم لا تبشّر بخير، والغش نتاج المخرجات وكلنا يعرف كيف كانت سياسة الدولة قبل إحلال المدرس اليمني محل الأجنبي (المصري والسوداني والسوري والعراقي) فكانت الجامعات تفتح ذراعيها لأقل المعدلات في الثانوية العامة، فمن معدله في الخمسين ركنا عليه في تنشئة أجيال الغد، وهذا لا يعني التقليل من شأن المعلم؛ لأن معدل خمسين من (حق) زمان تساوي الآن ثمانين حق هذه الأيام؛ ولكن هي النظرة القاصرة للمعلم وليس هذا فحسب؛ بل عسكرة الجامعات بشهادات دكتوراه تأتي من هنا وهناك وبقدرة قادر العسكور يصبح دكتوراًً!!. رابط المقال على الفيس بوك