غياب العدالة في توزيع المياه: لا ندري لماذا يصر الفساد والمجاملات على الاستمرار وكأنه لم ينتفض أحد ضد أشكال التمييز بين الناس على أساس اعتبارات غير موضوعية؟ وكأن الوطن لم يدخل في أزمة كبيرة لم يتعافَ منها حتى اليوم بسبب تراكم الممارسات الخاطئة في المؤسسات الحكومية لاسيما الخدمية التي لها علاقة مباشرة بالمواطن. الناس يبحثون عن عدالة يشعرون معها أن هذا الوطن تديره مؤسسات موضوعية محايدة لا هيمنة فيها لأحد على أحد, لكن أن يأتي المسؤول ويظل حال مؤسسته على الوضع نفسه من الفساد والتلاعب فهذا هو الفشل بعينه, ولا ننسى أن الاستهتار بأعظم قيمة تبنى عليها الحياة, وهي قيمة العدل, لا بد أن يكون له عواقب وخيمة. تعز حتى اليوم لا تعرف العدالة في توزيع المياه .. أحياء مرفهة تنعم بالماء المتواصل.. وأحياء أخرى لا يأتيها إلا كل شهرين أو ثلاثة أشهر. وإذا كان سعر الوايت الماء يتجاوز الثلاثة آلاف ريال فكيف سيعيش الناس؟ وكيف سينجح المواطن محدود الدخل في المقاومة وهو يحتاج إلى الماء كل يوم؟ لا تُفقِدوا المجتمع توازنه بغياب العدالة في توزيع هذه الخدمة .. ولا تتسببوا بتنشئة جيل جديد من (الطفولة العاملة) يشغله الكبار في نقل جالونات الماء من المساجد, وكأن أطفالنا ليس لهم من وظيفة سوى نقل الماء – هذا إن وجد – فتضافرت الأسباب إلى جانب ثقافة المشاهدة التلفزيونية في ضعف ارتباط الأطفال بالتعليم وتشتيت انتباههم عن التحصيل العلمي الذي ينمي عقولهم ويخلق جيلاً واعيًا. ليتكِ يا مؤسسة مياه تعز تحرصين على العدالة في توزيع الماء على المواطنين مثلما تحرصين على العدالة في توزيع الفواتير عليهم.. فالكل تصل فاتورة استهلاكه إلى منزله ولكن لا يصل الماء بانتظام إليهم جميعًا.. فهل يكون رمضان محطة للعودة إلى حظيرة العدالة والموضوعية للتخفيف من معاناة الناس؟ نأمل ذلك. غزو عوامل “التجيُّف”: ساءت أحوال النظافة في تعز حتى أصبح مظهر الشارع بأكوام القمامة المتكدسة شيئًا طبيعيًا عند الجهات المسؤولة والمواطنين على السواء .. فالروائح النتنة تزكم أنوف المارة, لاسيما مع وجود مخلفات المطاعم ومخلفات المسالخ وتأخر ترحيلها إلى المقلب الخاص بها. يبدو لي أن رداءة الأداء التي يعيشها اليوم صندوق النظافة لا ترجع إلى قضية تثبيت بعض العاملين فحسب, ولكن ترجع أيضًا إلى وجود مساحة جديدة للفساد لدى المشرفين على أعمال النظافة, وزيادة عدد السكان والوافدين في مقابل عدم وجود ما يكافئ ذلك في أعداد عمال النظافة.. فأنت تجد شارعًا ممتلئًا بالقمامات ولا تجد إلا شخصًا أو اثنين يقومون بتجميعها, ولأنهما يشعران بثقل المهمة يلجآن إلى التجميع غير الدقيق وتظل بعض القمامات مستوطنةً أجزاء من الشارع. ومما يزيد أحوال النظافة سوءًا أن بعض الشوارع الضيقة في وسط المدينة لا يوجد فيها براميل مخصصة للقمامة, فلا يجد المواطنون غير الأماكن الخالية في بعض التقاطعات لرميها فيها, وهكذا أصبحنا أمام شوارع تحاصرها أكوام القمامة مع ضآلة أنشطة التنظيف التي لم تتعافَ من مشكلاتها حتى اليوم. وبالتأكيد أن المشكلة ستزداد تعقيدًا في رمضان, لاسيما مع تزايد نشاط الحركة التجارية وكثرة خروج الناس إلى التسوق, فهل من حلول لهذه المشكلة والارتقاء بأنشطة النظافة؟ فنحن في استقبال شهر رمضان الذي ينبغي أن يحيي فينا الشعور بالمسؤولية في تحسين صورة تعز والحفاظ على بيئتها وصحة ناسها. عقدة الحركة المرورية: المعلوم أن تعز مدينة لا يفارقها الازدحام المروري, لكن في رمضان الأمر يتعقد أكثر وأكثر, لاسيما في أوقات الذروة (قبيل الإفطار وفي الساعات المسائية لحظة خروج الناس إلى الشوارع واستئناف حركة النقل), والمطلوب قيام الجهات المسؤولة عن مظهر الشارع (البلديات) ونظافته (صندوق النظافة) وحركته (إدارة المرور) أن تتضافر جهودها من أجل إفساح الطريق لمرور المركبات بدون عوائق.. فلا ينفع أن تظل الأسواق العشوائية تزاحم الطريق .. حافظوا على بقاء هذه الأسواق بعيدة عن وسط الشارع بما لا يضر بطريق الناس ولا يضر بحاجة هؤلاء البساطين إلى العيش الكريم, فنحن في وضع اقتصادي سيئ ومن حق الناس أن يعيشوا بكرامة.. لكن بالمقابل لا ينبغي أن يكون هناك تقاعس في منع المركبات من الوقوف العشوائي على الأرصفة, لاسيما في الشوارع الضيقة التي لا تحتمل مثل هذا الوقوف, ولا بد أيضًا من ضبط الحركة المرورية والوقوف أمام المظاهر التي تزيد في تعقيد حركة السير في الطرقات, مثل توقف بعض المركبات في وسط الشارع بلا اعتبار لطابور المركبات المنتظرة. رمضان كريم, وكل عام وأنتم بخير. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك