ما من يوم تمر إلا ويزداد معه خوفنا وقلقنا على مصر الكنانة أو كما يحلو للإخوة المصريين بوصفها “مصر أم الدنيا” وهي حقيقة لا جدال فيها فمصر هي هيبة النيل ومن شرب منه مرة عاد ليشرب منه مرة ثانية فعشق مصر يملأ قلوب العرب جميعاً لأنها الحضن الدافئ والملجأ الآمن منذ بداية الخمسينيات في القرن الماضي وحتى اليوم مصر لها حضورها في كل بلدٍ عربي بل وإفريقي وإسلامي. وقد تمثل هذا الحضور في الكثير من البلدان العربية بالحضور العسكري الذي ساعد من خلاله مصر على التحرر من الاستعمار والتخلص من أنظمة الحكم الفاسد وكما هو معلوم ما قدمته مصر من مساعدات سخية للثورة الجزائرية والتي استطاعت أن تتخلص من الاستعمار الفرنسي في مطلع الستينيات من القرن المنصرم وكما كان الحال نفسه مع ثورة ال 26 من سبتمبر والتي لولا القوات المصرية التي وصلت إلى اليمن لمساعدة الثوار لما نجحت الثورة نظراً للظروف الخطيرة وتكالب القوى الإقليمية والدولية عليها من أجل إحباطها وإفشالها فكان لثمانين ألف جندي مصري الدور الكبير والعظيم في دعم وانتصار الثورة فما من جبل وسهل وواد إلا وتخضب بدماء المصريين الشرفاء كما أن لمصر الدور الكبير أيضاً في دعم ثورة ال 14 من أكتوبر ولازالت العبارة الشهيرة والخالدة التي أطلقها الزعيم الخالد جمال عبدالناصر في خطابه بميدان الشهداء بتعز عندما قال على بريطانيا أن تحمل عصاها وترحل عن أرض الجنوب، فتحقق ذلك بطرد الاستعمار البريطاني ونيل الاستقلال في ال 30 من نوفمبر عام 67م وكان الحال نفسه مع الكثير من البلدان العربية والإفريقية فكانت مصر هي النبراس الذي اهتدت إليه الشعوب العاشقة للحرية والاستقلال. وها نحن اليوم نرى مصر تحترق شهوة وراء السلطة الملعونة فالأحداث التي نشاهدها هذه الأيام في عموم محافظات مصر لا تسر إلا العدو الإسرائيلي وقوى الاستكبار العالمي التي تعمل جاهدة على تقزيم مصر وجعلها دولة إقليمية صغيرة تتأثر ولا تؤثر حتى تتاح الفرصة لإسرائيل لتتسيد المشهد في منطقة الشرق الأوسط بل وإفريقيا ومن خلالها يتم تمرير المخططات الهادفة إلى إضعاف العرب أكثر مما هو عليه اليوم، إن أمريكا وإسرائيل تعملان جاهدتين على إضعاف مصر من خلال شق الصف الوطني وزرع الفتن الطائفية والمذهبية والتي بدأت تطل برأسها اليوم.. وهذا هو الخطر الذي يهدد مصر لأنهم يدركون أن مصر قوية ومعافاة هي قوة لكل العرب دون استثناء لأن مصر قوية بموقعها وبشرها وجيشها إلخ لذا فإضعافها أصبح مهمة استراتيجية لإسرائيل وأمريكا ولا ندري كيف يتعامل الشارعان المختلفان في مصر مع هذه الاستراتيجية العدوانية فمصر فيها من العقلاء والمفكرين والساسة القادرين على إطفاء نار الفتنة بتبني خارطة طريق تنقذ مصر مما يخطط لها..وعلى العرب ممثلين بقياداتهم أن يستشعروا المسئولية القومية بأن يقفوا مع شعب مصر في هذه الظروف الصعبة والحرجة وأن يرموا بكل ثقلهم لمنع الفتنة القائمة فمصر ليست ملكاً للمصريين وحدهم فهي ملك لكل العرب ومن يزور مدينة القاهرة والمدن الكبرى فيها سيجد أن كل البلاد العربية ممثلة فيها وبالآلاف منهم للدراسة ومنهم للجوء السياسي وآخرون للسياحة والعلاج، مصر لا تستحق العبث القائم فيها اليوم وعلى الفرقاء أن يرتقوا إلى مستوى المسئولية الوطنية ولا نبالغ أن أحداث مصر قد أغفلت عنا كل الأحداث القائمة اليوم في الوطن العربي لأن مصر امتلكت قلوبنا وعقولنا، حفظ الله مصر وشعبها العظيم ولتظل مصر هي الرائدة. رابط المقال على الفيس بوك