عاش جزء كبير من اليمن وتحديداً الجزء الجنوبي والشرقي منه تحت الاحتلال البريطاني لما يقرب من مائة وتسعة وعشرين عاماً، فكان لذلك الاحتلال آثاره السلبية اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وغيرها من الجوانب الحياتية المختلفة، وكان هذا الجزء من اليمن كغيره من المناطق العربية التي وقعت تحت سيطرة الاستعمار الأوروبي، منها عبر اتفاقيات تقاسم كاتفاقية سايكس بيكو بين فرنساوبريطانيا ومنها ما استعمرت خارج عن هذه الاتفاقية، فكان الجزء الجنوبي من اليمن من نصيب بريطانيا، ولن نخوض هنا في تفاصيل القصة التي فبركتها بريطانيا كمبرر لاحتلالها عدن لأن المبرر الوحيد لها هو أن مدينة عدن ذات أهمية استراتيجية وملاحية دولية فأرادت بذلك التحكم على أهم ممر مائي دولي يتحكم بجزء كبير من الملاحة العالمية وكان لها ما أرادت، لكن بعد مقاومة شرسة من أبناء عدن وفي مقدمتهم الصيادون ، وخلال فترة الاستعمار تلك ظلت عدن ومحمياتها سوقاً رائجاً وممراً للبضائع البريطانية إلى الهند وأفريقيا علاوة إلى جعل مدينة عدن قاعدة حربية لها من أجل وأد وضرب أي حركة تحررية في المنطقة العربية وأفريقيا وخلال تلك الفترة كانت هناك مناوشات وانتفاضات عمالية وفلاحية وغيرها ضد الاستعمار إلا أنها لم تكن قادرة على التأثير، لأنها كانت تقوم بطرق عشوائية وغير منظمة وثانياً الاختلال الكبير في توازن القوى لصالح الاستعمار فظل هذا الوضع حتى انتصرت ثورة 32 يوليو المصرية والتي مثلت الاشعاع والسند القوي لكل حركات التحرر العربي فكانت المدد القوي لانتصار الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر فتتوج ذلك الانتصار للإرادة اليمنية بانتزاع الاستقلال في الثلاثين من نوفمبر عام 7691م بعد نضال وكفاح مسلح استمر خمس سنوات تخضبت جبال ووديان وصحارى الجنوب بدماء الشهداء. وها هي بلادنا اليوم تعيش احتفالات هذه الذكرى الوطنية الخالدة وقد قطعت شوطاً كبيراً في تحقيق الآمال والتطلعات والأهداف التي رسمها شعبنا ومن أهم تلك الأهداف تحقيق الوحدة اليمنية في ال 22 من مايو 09م والتي هلل لها شعبنا وكبّر لأنها خلصت شعبنا من الشرذمة التي كانت قائمة وخلصته من الكثير من متاعب الحروب والخلافات فأصبحت اليمن قوة كبيرة بوحدتها، واليوم ونحن نعيش هذه الذكرى الخالدة علينا أن نجعل منها محطة للتوقف عندها ونتذكر بأن الاستقلال لم يكن هبة من بريطانيا بل انتزع انتزاعاً بفعل رجال آمنوا بربهم وبقضية وطنهم فوهبوا حياتهم رخيصة من أجل استقلال بلادهم قاوموا بما أتيح لهم من سلاح دولة عظمى لا تغرب عنها الشمس كما كانت تسمى حينها وكان من ثمرة كفاحهم هو استقلال الأرض، وهنا يفرض علينا الواجب أن نستحضر هؤلاء الشهداء لنكرمهم من خلال تكريم أسرهم اعترافاً بجميل صنعوه.. فهل نفي بالعهد؟؟