«4» بداية يمكننا افتراض أن ذهنية الاستبداد العربي لم تقتصر في كثير من الجوانب على مراكز صنع القرار السياسي أو العسكري التي حكمتها مجموعة من الصنميات والديكتاتوريات من أوائل القرن المنصرم حتى وقتنا المعاصر؛ بل امتدت لتشمل كل مراكز سلطة القرار سياسياً واجتماعياً وحتى ثقافياً, أثّرت في ذلك كثير من الممارسات الاستبدادية التي عاشها المواطن العربي أو ورثها من تاريخ طويل من الاستبداد والتسلّط نتاج حالة تراكمية سابقة عاشها المواطن العربي (العقل العربي) بكل سلبياتها وبدعاوى كثيرة تبرّر تلك الممارسات بدءاً من دعوى المحافظة على الطابع العربي (الإسلامي) والخوف من الغزو الفكري الغربي, وتارة بدعوى الحالة الخطرة التي تمر بها الأمة في كل تلك المراحل وضرورة الطاعة لكل أمر صادر من مراكز القرار (حتى وإن كان ضد الإنسانية وضد الفرد نفسه) لضمان أي خدش يمكن أن يصيب الذاكرة العربية التي ظلت مشدودة إلى الماضي لتاريخ الحضارة الإسلامية المتهالك. كل ذلك أوجد حالة من القبول والموافقة والانصياع لكل الأوامر الصادرة من السلطة الأعلى دون أية مناقشات أو حوار حول هذه الأوامر، بدوره شكل هذا النسق حالة من اليأس لدى الكثيرين من إمكانية ممارسة الحياة بصورتها العامة كمجتمع مدني وحياة تبحث دوماً عن الحضارة وظهور حالة من الخوف عند البعض من مناقشة هذه الأوامر بحجة أنها مكتملة الشروط لقدسية القرار, كل هذه السلبيات طغت على العقل العربي حتى أصبحت حالة الاستبداد ممارسة طبيعية لضرورة التنشئة الصحيحة كما يعتقدها البعض من ذوي التفكير السلطوي، ولا يجوز في أي حال من الأحوال الخروج بمفردات جديدة للخروج من هذه الذهنية؛ لأن مجرد التفكير بحلول لهذه الحالة يعتبر خيانة للمجتمع والإنسانية بشكل عام, أو هي محاولة لخلق فتنة المجتمع في غنى عنها على الأقل في الوقت الراهن كما يعتقد الكثيرون منهم الآن. رابط المقال على الفيس بوك