• شهر رمضان هو شهر الجود والعطاء، شهر التراحم والتكافل، وتُعد مسألة مساعدة الأسر الفقيرة والمعوزة وتقديم المعونات لها من فضائل وأولويات السباق في كسب الأجر في هذا الشهر الفضيل، لذا دائماً ما يشهد هذا الشهر في كل عام نشاطاً محموماً للعديد من الجمعيات الخيرية التي يفترض أن مهمتها الأساسية تكمن في تنفيذ برامج وأنشطة تستهدف مساعدة وإعانة الأسر الفقيرة والمعوزة.. لكن هل تؤدي هذه الجمعيات الدور المطلوب منها وتحقق الهدف الذي أنشئت من أجله؟! • خلال هذا الشهر المبارك الذي تهفو فيه النفوس عامة إلى فعل الخير ترتفع جهود ونسق عمل هذه الجمعيات في جمع مبالغ طائلة من تبرعات المحسنين وأهل الخير بهدف إعادة توزيعها على هيئة مساعدات ومعونات للأسر الفقيرة والمحتاجة، وأمر كهذا من المفترض أن يكون شيئاً إيجابياً ودليلاً على وجود التكافل الاجتماعي.. لكنها للأسف لا تحقق الهدف المنشود أو حتى تقترب منه وإلا لكانت انحسرت نسبة الفقر في المجتمع لا أن تظل في تزايد كما هو الحال اليوم، فقط مجرد أموال تصرف هنا وهناك تحت شعار العمل الخيري إلا أن مبدأ التكافل الاجتماعي الحقيقي غائب! • الجمعيات الخيرية على اختلاف مسمياتها والتي تتزايد وتنتشر كالنار في الهشيم خلال هذا الشهر الفضيل يمكن تصنيفها إلى ثلاثة أنوع : النوع الأول هي الجمعيات الخيرية المسيسة أي التي تتبع أحزاباً سياسية معينة، وهذه الجمعيات تقوم بجمع التبرعات وتوظفها لصالح حزبها أو أعضاء هذا الحزب، فلا تمنح مساعداتها إلا لمنتسبي الحزب ووفق البطاقة الحزبية، وفي ظل هكذا تسييس للعمل الخيري نجد أن أشخاصاً لا علاقة لهم بالفقر هم من يستحوذون على أكثر المساعدات والمعونات الخيرية ويحرمون المستحقين الفعليين لسبب واحد فقط وهو أنهم من أنصار الحزب الذي تتبعه الجمعية الفلانية أو العلانية. • أما النوع الثاني فهي تلك الجمعيات التي تقوم بفعل الخير لوجه الله وتقدم مساعداتها ومعوناتها للمحتاجين الفعليين بغض النظر عن أية اعتبارات أخرى، وهذه الجمعيات على قلة عددها الذي لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، إلا أنها تنشط طوال العام ولها أيادٍ بيضاء في مساعدة الكثير من الأسر الفقيرة والمعوزة، لذا يمكن القول إنها تقوم بتنفيذ الدور المطلوب منها ولها إسهامات في تحقيق التكافل الاجتماعي ومكافحة الفقر. • أما النوع الثالث والأكثر عدداً فهي تلك الجمعيات التي لا تعلن عن نفسها ولا يدب فيها النشاط والحيوية ولا تتذكر عمل الخير إلا خلال شهر رمضان، أما طوال العام ف « لا حس ولا خبر»، هذه الجمعيات يمكن وصفها ب «الجمعيات الوهمية»، فهي تقوم بجمع التبرعات باسم الفقراء والمحتاجين لكنها لا تساعد ولا تعين أحداً، مما يضع أكثر من علامة استفهام حول هذا النوع من الجمعيات .. ترى لماذا تظهر هذه الجمعيات فقط في رمضان؟ وأين تذهب وتختفي طوال السنة؟ وهل فعلاً لها أهداف ومقاصد خيرية وتسخر ما تقوم بجمعه من تبرعات لصالح الفقراء والمحتاجين؟ أم أن لها أهدافاً ومقاصد أخرى؟! • العمل الخيري ركيزة هامة من ركائز تحقيق التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، ووجود الجمعيات الخيرية أمر ضروري وهام للإسهام في تخفيف نسبة الفقر، لكن ما نجده للأسف أن الغالبية العظمى من هذه الجمعيات لا تؤدي أي دور حقيقي في مكافحة الفقر، وليست سوى سبب إضافي لانتشار الفقر واتساع مساحته، فهي تجمع التبرعات باسم العمل الخيري لكنها توظفها لمصالح شخصية أو حزبية وتُحرم الفقراء والمحتاجين المستحقين، في الوقت الذي يفترض بها أن تسهم في التخفيف من حدة الفقر وتحقيق التكافل الاجتماعي.. فما رأي الجهات المعنية؟! [email protected] رابط المقال على الفيس بوك