حين أتيحت لي فرصة المشاركة في تقديم اقتراحات لتعديلات دستورية قادمة؛ كنت أكثر تركيزاً على مجال التعليم وما يتلقّاه أبناؤنا من مواد تعليمية جامدة لا ترتقي إلى مستوى التطبيق والديناميكية؛ إما لقصور في آلية وضع المناهج نفسها أو لعدم وجود الوسط المناسب الذي تتحوّل فيه نصوصنا الأدبية والعلمية إلى سيناريوهات متحرّكة على مسرح تربوي تعليمي ناضج بما يكفي لإنتاج أجيال قادرة على إحداث التغيير الإيجابي المطلوب. وكان تخصيص قاعة رياضية في كل مدرسة حكومية أو خاصة أحد المطالب التي رأيت من الضروري وضعها اليوم بعد أن بدأت فيه بعض مشاكل السمنة بالانتشار في الوقت الذي تنتشر على الجهة المقابلة أسباب المجاعة؛ بل الموت جوعاً، لكنها الحياة التي لا تسير وتيرتها إلا وفق هذه المتناقضات الأشد غرابة من الحياة نفسها. وبالرغم من وجود بعض الصالات الرياضية في بعض المدارس عندنا؛ إلا أن دورها محدود في تدريب الأولاد فقط أو مزاولة بعض الألعاب البدنية أو الذهنية المألوفة، لكن لا توجد إلى اليوم صالات رياضية داخل المدارس يكون الهدف منها تحقيق اللياقة البدنية الكاملة، وتحويل الرياضة إلى ثقافة عامة لا يتوقف عنها الأولاد والبنات أبداً، لكن ذلك بحاجة إلى تكاتف الكثير من الجهود حتى يتحوّل من مجرد اقتراح مكتوب إلى مشروع ضخم نشارك جميعاً في إنجازه وبناء المنهجية المناسبة له، ولعل الحكمة اليابانية القائلة: «لكي تغلق مشفى؛ ابنِ نادياً رياضياً» هي حكمة أو مقولة صحيحة مليون في المائة؛ خاصة في ظل انتشار أمراض المفاصل والأعضاء الداخلية خلال العشر سنوات الأخيرة بناءً على استنتاجات طبية حصلنا عليها من أطباء يؤكدون أن الرياضة فلسفة إسلامية مندثرة حثّ عليها رسولنا الكريم صلّى الله عليه وسلم حين قال: «علّموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل» صدق رسول الله، كما أنه ضرب مثلاً حسناً في ضرورة ممارسة الرياضة للمرأة حين كان يسابق أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فيسبقها وتسبقه؛ بل إننا اليوم في أمس الحاجة إلى ممارسة الرياضة للرجال والنساء حتى نستطيع تجاوز مرحلة انعدام المناعة التي تلعب الرياضة دوراً مهمّاً في رفع نسبتها في الجسم علاوة على الآثار النفسية الجيدة التي تتركها داخل الإنسان والتي من أبرزها الثقة بالنفس وتقبُّل الذات، وهذه تكاد تكون معدومة لدى الأشخاص الذين يعانون البدانة المتوسطة أو المفرطة، فهؤلاء يكرهون حتى النظر في المرأة لما يجدونه من ردّة فعل عكسية يعود سببها إلى المشاعر السلبية التي تنتابهم خاصة أنهم يعانون قلة فرص الارتباط بالآخر أو القبول لديه. وعموماً فإننا نتمنّى على وزارة التربية والتعليم اعتماد هذا المقترح وتشجيعه ودعمه بما يلزم حتى لو لم يتم تضمينه مواد الدستور الجديد أو ما ينبثق عنه من قوانين محلية؛ غير أننا نقترح ومن باب المساهمة الفاعلة والإدارة اللا مركزية أن يتم بناء تلك الصالات على أرض الأفنية المدرسية بنفقة داخلية؛ أي من ميزانية المدرسة ذاتها؛ لكن بإشراف متكامل من وزارة التربية والتعليم وفق مناقصات مدعومة وزارياً حتى يتم الخروج من نفق التسويف والانتظار إلى مساحة الجدية والبناء والاعتماد على ميزانية ذكية تعتمد فيها المدارس وسائل دخل موقتة يتم عن طريقها جمع مبالغ مالية لبناء وتجهيز تلك الصالات بمشاركة مجتمعية فاعلة يدعمها محيطنا الاجتماعي الكبير من آباء وأمهات وداعمين آخرين تستطيع كل مدرسة إقناعهم بهذه الفكرة الرائعة عن طريق حملات إعلانية منظمة ونزيهة؛ إنه ليس بالأمر الصعب؛ بل هو محاولة جادة لانتشال مدارسنا وأبنائنا وبناتنا من مستنقع الروتين والرتابة القاتلة إلى عالم آخر يكون فيه العقل أكثر براعة، والجسد أكثر قوة وجمالاً وبهاءً. رياضة «الإيروبيك» هي رياضة تمرين الأعضاء وصقلها، وهي مناسبة أكثر للفتيات والنساء بشكل عام، فهي تصقل الجسد وتقوّيه، وليس فيها من الخشونة والتشبُّه بالرجال ما يجعل البعض يعترض على اعتمادها كرياضة نسائية مدرسية تستفيد منها المدرّسات قبل الطالبات إن أحسنوا التفكر. رابط المقال على الفيس بوك