عذبتنا كثيراً، بل أنها تمكنت من دغدغة عمق مشاعرنا الوطنية. قد تكون الصورة محملة نوعاً ما بالبراءة ،لكنها بحق رسالة يجب أن تفوق على أثرها كل تلك القلوب التي أصداها الذنب والغفول ..لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره كان يرفع تلك اليافطة وهي تحمل عبارة – نأسف جمهورنا العربي عن تقديم مسلسل« باب الحارة» لهذا العام فلم يعد في سوريا حارة أساساً- انطلقت في سوريا هتافات الثورة كأحد أغصان الربيع العربي المتدلية ،لكن الواقع كان أمر من كافة تلك الأحلام الذي تساقطت معه أوراق الربيع لتتصحر شجيرات هذا الجزء من وطنا العربي ويعيش واقعاً أليماً حول حلمه النرجسي إلى شتاء قارس. لعل جميعنا يعرف أسباب الدمار التي تحل بالوطن العربي جملة فإن لم تكن النيران تأكل من جسده فإن الغيظ والقهر يكاد يفقده صوابه .صراع سلطوي أكد مدى بشاعة النفس البشرية حين تسفك الدماء من أجل شيء تدرك تماما زواله. نحن نصل مع هذه المفارقات إلى نسائم الربيع العربي التي تمكنت من كشف ستار هذا النوع من الصراع والذي تعدى المفهوم السياسي ،لكنه في الحقيقة غير مجد، بمعنى أنه صراع طمعي ومستحوذ دون وجود أي نوع من الحق فيه، فمن غير المعقول أن نظل بين نارين إما الاستبداد والهوان وإما أن أفقد مدينتي وأشيائي الجميلة فيه, وكان هناك شيء اسمه الملكية تنتاب كل من يجلس على كرسي الحكم فور وصوله إليه « خذوا المناصب والمكاسب والكراسي بس خلولي الوطن» هي كلمات الأغنية التي غرّد بها لطفي بوشناق ليعبر بدموعه المذروفة لحظة غنائه عن رغبة الملايين العربية في الحفاظ على أوطانها مجردة من أطماع أهل القلوب المتحجرة التي لم يفرق معها نوعية الوسيلة التي تصل بها إلى الكرسي ..لاتزال أجيالنا بحاجة ماسة إلى تلقي أصول التاريخ لتنطلق متوخية الحذر من تكرار الآباء والأجداد ،لا أن نحملها مسئولية البحث عن وطن وننزع منها ذرات الوطنية من خلال الصراعات الدامية في سبيل السلطة هذه الجملة المنفرة والمدمرة لكل شيء حتى مدينتنا الجميلة التي يبدو باننا سنقبع عقوداً طويلة في البحث عنها وقد لا نجدها في ظل بقاء النفوس المستهوية لروائح وألوان الدماء فيها. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك