يمضي الشهر تلو الشهر وتنقضي الأعوام وتتسابق في زحامها الأيام,ويأبى الجرح والوجع أن يغادر الوجدان وتأبى القسوة والهمجية أن تنسلخ من إلانسان,وتأبى الأطماع وحب الدنيا أن يفارق الأنام.. يتساقط البشر كأوراق الخريف وتذروهم رياح القسوة والهمجية وتطحنهم رحى الحروب بلا رحمة أو ضمير وكأنها لم تحرم دمائهم ولم تحفظ كرامتهم ولم تصن إنسانيتهم..والمؤلم أنهم أطفالا في عمر الزهور وآخرين في المهد تمزقهم الحروب وتناثرهم القذائف وتفتتهم الطائرات,منهم من نجده بين الركام,ومنهم من نجده قد تفحم,وآخرين لا أثر لهم ولا مكان سوى بضع قطرات من الدم وشيء من لفائف الطفولة والمهد وذكريات الأمس القريب..
في سوريا هكذا تغتال الطفولة وهكذا تقضي عليهم السياسية,وهكذا تمزقهم العبثية دون رحمة أو ضمير أو إنسانية أو حتى مثقال ذرة من شفقة..حرب شعواء لا تميز بين طفولة في عمر الزهور وطفولة في المهد وأخرى تحلم بغد أجمل ووطن آمن خال من الحروب..في سوريا اليوم بات الوطن مشتعلا أوقد طغاة الحرب وصبوا زيت حقدهم على جمر نزواتهم الطائشة,أشعلوا فتيل الحرب وجعلوا وقودها الأطفال وأهدافها الأطفال وكباش الفداء فيها الأطفال..
فأمتلئت الشوارع بجثثهم وتعفنت أجسادهم وأكلت الكلاب منها وحامت الجوارح حولها وذرفت العيون دما لمشاهدتها وتفطرت القلوب ألما لرؤيتها..اليوم في سوريا لم يتقاتل الساسة من أجل الوطن أو من أجل المبادئ أو من أجل مصلحة الشعب أو حرصا على استقرار البلد بل كان من أجل أثبات الذات وبلوغ المرامي وتحقيق الأهداف وترويع الآمنين وبث الرعب والخوف بداخلهم..
لم يقتتل الساسة إلا لتدمير الأطفال وتنكيلهم والقضاء على أكبر عدد منهم وقهر أهاليهم وتعذيب أمهاتهم..وممارسة وحشيتهم وطقوسهم الحيوانية على هؤلاء الأبرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل في هذا الصراع الذي لم يفضي حتى اللحظة لشيء غير تلك الجثث لتي مزقتها آلة الحرب السورية للأطفال والعجزة والبسطاء..
ساسة القتل وعتاولة الفساد والهمجيين اليوم يمارسون طقوس القتل والتنكيل والتشريد في بني وطنهم ويستخدمون كافة أنواع الأسلحة ويجابهونهم بوحشيه فجة وكأنهم في مضمار حرب مع الد الأعداء أو مع مغتصب أحتل وطنهم فدكوا المنازل ودمروا القرى وأهلكوا الحرث والنسل وشردوا البسطاء,وجعلوا من الأطفال كباش فداء وقربان تأكله نار سياساتهم الهمجية...
فأي أطماع تلك وأي مأرب وغايات التي يرمي هؤلاء القتلة لبلوغها والوصول إليها على جثث هؤلاء البسطاء والأطفال الأبرياء؟؟ أي سياسة تلك التي تبيح وتجيز سفك الدماء وإزهاق الأرواح وتنكيل وتشريد وإخافة الآمنين؟؟ أي قلوب يحمل هؤلاء في صدورهم ليمارسوا تلك القسوة على شعب أعزل ومواطنين وأطفال أبرياء؟؟