تطلُّ الأعياد على المسؤولين في بلدان يعمل رجالها من أجل أوطانهم وهم يستعدون للعمل ويشمّرون سواعدهم لراحة المواطنين الموعودين بفرحة مكتملة بأعياد أوجبها الله لعباده المسلمين سنوياً لتتوج تلك الأفراح في محافظات وأوطان خالية من مظاهر الحزن والسوء الذي يمكن أن يقع فيه البعض. في تعز كنموذج لسلبية بعض المسؤولين القائمين عليها وجدنا العيد فيها بروائح المجاري الطافحة في أغلب شوارعها والتي لا أعلم هل يسير فيها المسؤولون عن المديريات وصولاً إلى قيادة السلطة المحلية،ويتغاضون عن المناظر والروائح البشعة التي تملأ أغلب الشوارع والأزقة وتضايق الساكنين أو المارين، أم أنهم يسلكون طرقاً أخرى؟!... أفتونا أثابكم الله. في مقال سابق دافعتُ عن قرار السلطة المحلية والمحافظ شوقي برفع البسطات والمفرّشين من الشوارع الرئيسة وتحديد أماكن بديلة للافتراش؛ وهذا لا يعني أن نغض النظر عن السلبيات التي تقع فيها قيادة السلطة المحلية في تعز؛ وهذا يأتي في ظل الشراكة التي يجب أن يتحلّى فيها الجميع من كافة فئات المجتمع للتنبيه عن السلبيات التي نراها أمام أعيننا كي يتحمّل المسؤول مسإوليته وإيجاد الحل المباشر لأية مشكلة تعكّر صفو حياة الناس. عيّدت تعز على روائح المجاري، وهذا واقع لمسته كغيري من قاطني المدينة وزائريها خلال الإجازة العيدية التي قضيتها وأنا أسير في أغلب شوارع تعز بفرحة جمعتني مع الزميلين الإعلامي عبدالسلام الشريحي والمصوّر المبدع أنيس مهيوب؛ سرنا في أغلب أحياء تعز، ورأينا العجب العُجاب، حيث غابت الخدمات الأساسية في العديد منها؛ رأينا فقط توافد أعداد كبيرة من المواطنين على تعز لقضاء إجازة العيد منذ أواخر شهر رمضان وحتى انتهاء الإجازة التي بادر أولئك الوافدون لمغادرة «العاصمة الثقافية» لليمن ومازالت بعض شوارع المدينة غارقة في مياه المجاري وروائحها التي أصبحت روتيناً يومياً يعيشه المواطن في المحافظة على مرأى ومسمع المسؤولين في المديريات الذين نحملّهم المسؤولية الأولى في التقصير، ووصولاً إلى قيادة السلطة المحلية ممثلة بالمحافظ شوقي هائل والذين يغضّون البصر ولا يعملون على محاسبة المقصّرين في تأدية أعمالهم خلال إجازة العيد؛ خصوصاً مع تلك الموازنات المالية التي تُصرف بصورة استثنائية لتغطية الخطة العملية التي تُذاع والتي يعمل عليها الجميع خلال إجازة العيد. عيّدت «العاصمة الثقافية» لليمن ومن فيها وهم يستنشقون روائح المجاري وكأن المحافظة لا تملك المقوّمات اللازمة لسد تلك الفجوة البيئية التي عشناها خلال الإجازة. سيقول البعض إننا أحسن من غيرنا؛ فمحافظة الحديدة غارقة بكاملها في المجاري؛ ولكن يجب على القائل أن يعي أن تعز عاصمة اليمن الثقافية، وما يحصل فيها يجب أن يكون أنموذجاً يحتذى به في بقية المحافظات، وهي فرصه أيضاً للتذكير أن مجمل الأمراض وبحسب الأطباء المتخصصين تأتي من خلال تلك المجاري السائرة في شوارع تعز والتي تنقل معها كل أنواع البكتيريا والجراثيم عبر الحشرات إلى جسم الإنسان، وطبعاً هذا أمر صحي لا يهمهم إلا عندما يأتي مرض وبائي كحمّى الضنك ويحصد أرواحاً في تعز ليقولوا بعدها: «إن العدد الذي مات هو أقل بكثير من العام الماضي...!!». المسألة لم تعد مجرد «مجاري» تسير في شوارع تعز، المسألة أصبحت تتمثّل في التهرب الكبير من قبل المسؤولين في المديريات والمحافظة عن أداء مهامهم، ونجدها هنا فرصة لوضع هذه المشكلة بين أيدي محافظ المحافظة شوقي هائل للتوجيه بتلافي مثل هذه المسائل والتي تظهر في البداية صغيرة لكنها تكبر وتتضخّم وتكون نتائجها كبيرة وتنعكس على عدة قطاعات وتشكّل لها نكبة حقيقية كقطاع الصحة. ...أخيراً عيّدت تعز بروائح المجاري، والعيد انتهى أو كما يقال في العامية الصنعانية “زلج” ولكن السؤال الأهم هو: هل هناك محاسبة للمقصرين بحيث يتم تلافي المشكلة مستقبلاً لكي يكون العيد للجميع فرحة دون روائح كريهة، أم أن الأمر سيمر مرور الكرام وكأنك يا بوزيد ما غزيت وينطبق عليها البيت الشعري القائل: لقد أسمعت لو ناديت حيّاً ولكن لا حياة لمن تنادي..؟! نتمنّى أن تصل كل هذه المشاكل إلى طاولة السلطة المحلية ويتخذون قرارات جريئة كتلك التي أزاحت البساطين والمفرّشين من الشوارع الرئيسة؛ وهو القرار الذي قوبل بارتياح الكثيرين من المواطنين بعد رؤية نتائجه. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك