في الفن التشكيلي يمكن اختيار تجربة الفنان الاسباني سلفادور دالي الذي خرج من قلب الواقعية التعبيرية، وتمكن من أداوته كأحد أكبر الحرفيين في التعامل مع الكتلة واللون والخط، وفاضت به التجارب حتى وصل إلى تخوم التجريب السريالي كأشهر فنان تشكيلي حاول التعبير عن منجزات العلوم السيكولوجية والباراسيكولوجية، تماماً كرديفه الروائي الايطالي البرتو مورافيا صاحب رواية « أنا وهو وهي » ولكن في أفق آخر.. والشاهد أن هؤلاء جميعاً ما كان لهم أن يجربوا ويقدموا جديداً لولا الفيض المعرفي الممارسي، والتراكم الكمي الذي أفضى به إلى تقديم نوع جديد .الأمثلة السابقة التي أوردتها بالأمس للتدليل على مشروعية التجريب الفني من جهة، وعلى صعوبة هذا التجريب من جهة أخرى، سياق لمعنى التجريب في الفن والأدب، فمن لا يمتلك أدوات التجريب استناداً إلى سابق إنتاجه ومكانته الفنية إنما يتنطّع ويدخل نفسه في خرم إبرة ضيقة . كان المخرج الألماني « برتولد بريشت » كبير المجربين المغادرين لأدوات المسرح الكلاسيكي، وقد تمكّن من استخدام فكرة التغريب الفلسفية كيما ينزاح بالمسرح الأكاديمي ويضع اللبنات الأولى للمسرح الملحمي الذي يعتدّ بمكانة الجمهور، ويدخله في صلب العملية الدرامية من خلال إلغاء حاجز الوهم، والتعامل مع الحقيقة المسرحية بوصفها إعادة إنتاج للواقع وليس واقعاً موازياً للواقع. وما كان لبريخت أن يفعل ذلك إلا عبر أدوات مبتكرة كسرت السينوغرافيا التقليدية واستفادت من نتاجات الفنون الأخرى وأمعنت في استنطاق الفكر. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك