حينما احتكم اليمنيون في ذروة خلافاتهم وصراعاتهم وعدائهم إلى لغة الحوار بدلاً من لعلعة السلاح فإنهم بذلك قد جسدوا أروع الصور التعبيرية عن المعاني السامية والنبيلة “ للحكمة اليمانية” وهي الحكمة التي تسامى بها المجتمع اليمني وكان رائدها عبر التاريخ مصداقاً لحديث سيد البشرية ورسول الهداية والإسلام والسلام محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حين ثمن موقف اليمنيين من نظرة الإسلام ومصداقيتهم ورقة قلوبهم ولين أفئدتهم والتي اختتمها بقوله الإيمان يمان والحكمة يمانية. وعبر التاريخ أنصف اليمنيون بالحكمة في التعاطي مع عدد من الأحداث والخطوب وعبر مراحل تاريخهم فكانوا سادة وقادة في تصويب الأخطاء وقول كلمة الحق وفي تشييد البنيان والحضارات القديمة منذ فجر الإسلام وساهموا في الفتوحات الإسلامية وفي الانتصار للحق والعدل وفي نصرة الدين الإسلامي الحنيف. بهذه الحقائق نجد اليوم تأكيدنا بأن انتصار الحكمة اليمانية في التعاطي مع كوارث يعلق عليه زلزال الربيع العربي أو ما يصفه البعض بمشروع الشرق الأوسط الكبير.. وأيضاً ما أطلق عليه بالفوضى الخلاقة والتي فعلت فعلها في بعض الدول الشقيقة ولعل أخطرها ما يجري حالياً في الشقيقة العربية الجمهورية العربية السورية وارتدادات كل ما حدث في الشقيقات العربيات ليبيا + تونس+ العراق+ مصر والبحرين وما يعمل حالياً في لبنان والذي بات ينذر بما هو أشد وأنكى ذلك الانتصار جنب بلادنا تداعيات كانت لو حدثت ولا سمح الله فإن إفرازاتها كانت ستكون كارثية وأعمق مما حدث لغيرنا. إن التسليم بمبدأ الحوار الذي أجمع عليه اليمنيون قد أعطى ثماراً إيجابية كان من أبرزها تحشيد وحدة الوطن اليمني ..وذوبان جليد التمزق والتنافر والتناحر ودفع الجميع إلى جلسات دائرية للحوار سمت فيه قواسم الثوابت الوطنية وتضاءلت عبرها الخلافات ..وتميزت بطابع الجدية والمصداقية والوضوح في الطرح والنقاش لمجمل القضايا الوطنية وتركيزاً على أولوياتها. من كافة المشارب والاتجاهات الفكرية و السياسية ومن كافة مناطق اليمن ومن مختلف الفئات والمنظمات الرسمية والمدنية، من كافة الشرائح يمنيون اتفقوا في قاعات مفتوحة وفي موائد مستديرة ومستقبلة وفي صالات كبيرة وصغيرة وأمامهم جميعاً أحلام بناء اليمن الجديد بكل ما يستوجبه ذلك البناء الوطني بدءاً بالولاء الوطني وحماية منجزات ومكاسب الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر والاستقلال الوطني وفي مقدمتها وحدة الوطن اليمني والحفاظ على النسيج الوطني بكافة أشكاله وتنوعاته من خلال إقرار دستور يستوعب كل هذه الاستحقاقات التي هدفها المساواة في الحقوق والواجبات إفعالاً وتجسيداً لأهداف الثورة اليمنية وإذابة الفوارق بين الطبقات عبر مبدأ توزيع الثروة والسلطة وإشراك كافة فصائل وشرائح المجتمع وفي طليعتها المرأة في كافة سلطات الدولة مؤسساتها السياسية والتشريعية والقضائية والرقابية...الخ وحيث إن الجميع قد حضر وشارك من خلال ممثليه في مؤتمر الحوار الوطني الذي يقترب اليمنيون والوطن اليمني من جني ثمار نتائجه الناجحة التي لاحت بشائرها لتزهو مع مطلع كل فجر من أيام العد التنازلي لإعلانها من خلال الجلسة الختامية للمؤتمر فإن هاجسنا بأن فترة الحوار التي لم تكن بالقصيرة ولا بالهينة إذا ما قيست بحجم المشاركين والأعضاء في المؤتمر وكل من تعاون وساهم في إنجاحه سوف تكون عند مستوى ما تؤكده هواجسنا ..ٍسيما وأن قادة الحوار وأعضاءه هم كوكبة المرجعيات في كل مناحي الحياة وعليهم وبهم يعقد اليمنيون أمل الخروج بحصيلة ونتائج تكون بمثابة البلسم الشافي لكل الأمراض التي عانى منها اليمنيون الأرض والإنسان وفي ضوئها بإذن الله سنخوض غمار المستقبل بيد واحدة تبنى من خلال وطن متطور ومتقدم ينعم في كنفه كل أبنائه بالخير والازدهار وبالعدالة والمساواة. رابط المقال على الفيس بوك