قبل انتهاء شهر رمضان الماضي اتصل بي الولد معتصم عبد الكريم المرتضى يبلغني بأن إذاعة صنعاء أعدت أو تعد برنامجا إذاعيا عن الرواد ومنهم والده المرحوم الأستاذ عبد الكريم هاشم المرتضى وأنهم اختاروني للحديث عن المرحوم بحكم صداقتي الطويلة به وارتباطنا معا في العمل الإعلامي ، و لموانع متعلقة بالاتصالات لم يتم ذلك الحديث .. و لكن وفاء لتلك الزمالة والصداقة العميقة التي كانت بيننا أجدني مدفوعا لتذكر مسيرة الزمالة والصداقة التي امتدت منذ ستينيات القرن الماضي ، أما معرفتي بالمرحوم فهي ممتدة من خمسينيات القرن الماضي عند ما كنت طالبا في المدرسة الأحمدية سابقا والمرحوم كان طالبا في مدرسة النجاح ،كنت أراه في المناسبات الدينية أو في ما كان يسمى حينها بعيد النصر أي ذكرى فشل حركة 1948 م وانتصار الطاغية أحمد حميد الدين على رجال تلك الحركة وإعدامهم بالعشرات ، ثم صار يحتفل سنويا بتلك المناسبة التي كان لا يخلو فيها من ضحية يقدمها الطاغية بتهمة يبتدعها تبريرا لفعلته .. بهدف إرهاب المواطنين ولاستمرار عامل الخوف والرعب في قلوبهم وكان مسئولو المعارف حينذاك يأتون ببعض طلاب مدرسة النجاح بتعز إلى المدرسة الأحمدية لغرض المشاركة في الفعاليات الاحتفالية التي كانت تعد وتقام في المناسبات ،وكان المرحوم المرتضى غالبا يكون ضمن أولئك الطلاب الذين يأتون من مدرسة النجاح للمشاركة ومن حينها تعرفت عليه فقد كان مميزا بحسن مظهره وأناقته وذكائه ، ثم بعد ذلك عمل رحمه الله في مجال التعليم حتى قيام ثورة 26سبتمبر 1962م وعندما افتتحت إذاعة تعز كان أحد مذيعيها المتميزين .. وبحكم تبعية كل من إذاعة تعز وصحيفة الجمهورية حينها لفرع وزارة الإعلام بتعز فقد تعززت معرفتي بالمرحوم عبد الكريم المرتضى وصداقتي له بحكم الزمالة الإعلامية واستمرت تتوطد حتى وفاته رحمه الله ، والحقيقة أن المرحوم كان متميزا ومبدعا في كل المجالات التي عمل فيها سواء في التربية والتعليم أو في الإذاعة أو الصحافة ، وبقدر تميزه في العمل الإعلامي كان مبدعا في الأدب والثقافة سواء كشاعر أو كاتب قصة أو رواية ، حيث كانت برامجه في الإذاعة متميزة وكذلك كتاباته الصحفية سواء عبر صحيفة الجمهورية أو غيرها من الصحف كان كثيرا ما يتلمس قضايا وهموم الوطن ومواجع الناس وآلامهم .. وذلك ما جعل السلطة قديمها وحديثها تتجاهله وتعمل على تهميشه وعدم الاهتمام بتحسين وضعه المعيشي والوظيفي أيضا حتى وفاته ، لأنه لم يكن يجيد مسح الأجواخ ولا يطيق التزلف والنفاق بل كان رحمه الله يمقت الملق والتزلف حتى ولو كان موجها إليه ، مع أنه لو سلك مسلك أقرانه وبعض زملائه لبلغ أوج الدرجات الوظيفية وأعلى المناصب التي بلغها من لا يجيدون فك الخط كما يقال، حتى في مرضه لم يلق أية عناية أو رعاية حتى وفاته ، ولولا أولاد الحاج المرحوم هائل سعيد أنعم رعاهم لله خيرا في الجنة أحاطوه بالرعاية الطبية وغيرها وخففوا من مأساته لمات يلعن بلادا لا يحترم فيها المبدع ولا يهتم به .. فرحم الله الأستاذ الكبير المبدع المربي والأديب المثقف عبد الكريم هاشم المرتضى رحمة الأبرار وأسكنه فسيح جناته وألهمنا نحن أصدقاءه ومحبيه وجميع أسرته الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون رابط المقال على الفيس بوك