ومازال عبدالله باذيب يشرق بيننا، على أن متاعبه هي متاعب الحركة الوطنية حتى اليوم . وأما بقوة الصدق ونقاء الوطنية في مجمل حروفه المستبصرة الحرة يجعلنا نقاوم معه- وفي داخلنا أيضاً - كل تاريخ الفجائع والمكابدات.. إنه القريب من شرايين القلب، والمنتمي الأصيل لدلالة واحدة هي اليمن، بينما علينا أن نصغي لتعاليم هذا الرائي السياسي والثقافي الأمين، كونه مقاوماً وطنياً فريداً يجعلنا بالضرورة نتحدى معه مجمل صيغ الاستبدادات الثابتة. ومازال كلامه في خمسينيات القرن الماضي كجزء أصيل من واقعنا اليوم: * * * والخلافات الفكرية الشريفة ضرورة إنسانية تطورية ، ومن خلال صراع الآراء تشع الحقيقة. * * * والإنسان متحيز أصلاً ، قصد إلى ذلك أم لم يقصد ، أراد ذلك أم لم يرد ، وهو أن لم يتحيز لحلم الشعب، أي للقوى التقدمية النامية في المجتمع، فهو متحيز للقوى الرجعية المضمحلة المعادية للتطور . * * * و لا مكان لمن يريد أن يقف في الوسط يمتص دماء الشعب من جانب ويلحس أيدي أعدائه من جانب آخر !. في الوسط هوة فارغة يتردى فيها ويصلب عليها كل من يكفر بإرادة التقدم والحياة ويختار الوقوف إلى جانب أعداء الشعب. * * * و الويل للشعب عندما يصنع من الطاغية ملاكاً * * * والمحنة التي تواجهها اليمن إنما هي محنة الحكام ومن صنعهم . وماكانت لتكون، كذلك لولا أن لهؤلاء الحكام سنداً شعبياً ،ذلك لأنهم أخضعوا الشعب لسياسة أخرى موجهة ، هي سياسة التجهيل والإفقار والتجويع والإرهاب ، وعزلوه في الظلمة ، يتنفس الموت ، وتشده ضرورات العيش الأولية وتستغرق كل همومه. * * * وثمة عدو في الداخل هو الذي يجب محاربته أولاً والقضاء عليه ، ومتى تم ذلك وتحرر الشعب من هذا العدو يشرق عهد جديد تنطلق فيه قواه المبدعة الخلاقة ويبدأ ببناء وطنه على أسس جديدة. * * * ولا تطلبوا إلينا أن نهادن الطغاة باسم مهادنة اليمن ، وضعوا أمامكم دائماً ذلك الفارق الخطير، الخيط الرفيع بين اليمن وحكامها المفروضين عليها.. إن اليمن هي تلك الأرض الطيبة التي تريد الحياة وتنشد الخلاص من ظالميها وجلاديها ، وهي تلك الجموع الكادحة الباحثة عن نفسها وعن مستقبلها وسط العرق والدموع والدم، وتحت سياط الإرهاب والعسف ، وذلك الشعب الجائع المضطهد الذي يتوق الى الحرية والخبز والأمن. * * * وإننا نقدر المسؤولية.. ولكننا مسئولون فقط أمام الشعب والتاريخ، ولن يغرينا مال أو يفتننا بريق مركز أو سحر ثروة، ولم يثنينا عن طريقنا تهديد أو وعيد أو إرهاب. * * * وكلنا في المعركة.. أنا الشاب الفقير، وأنت العامل الكادح او الموظف البسيط او الطالب الحائر، وهي الأم الحانية على أطفالها الساهرة على مستقبلهم.. كلنا، والأجيال التي لازالت في رحم المجهول وضمير الغيب، والأجيال الناشئة النابتة كالزهور، المنطلقة كالقذائف، في المعركة ضد المضللين، والمتاجرين بحرية الشعوب، وأعداء الحياة والتقدم الإنساني الذين يتكاثرون ويزحمون الجو ويسممون كل شيء جميل وضروري في حياتنا. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك