يخطئ من يظن أن الحديث عن الضمانات لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني سوف تتحقق بمعزل عن مساهمة الجميع في قيام الدولة الديمقراطية المنشودة التي يمكنها -لوحدها- توفير ضمانات تلك المخرجات والخروج من أسر تداعيات هذه الأزمة وتنفيذ مضمون الوفاق ..بمعنى آخر أنه لا يمكن الاتكاء على ضمانات خارجية في حال غياب الروح الوطنية التي تجسد هذا التوافق. ومن الطبيعي أن يتجدد التأكيد على مثل هذه المسلّمات، خاصة والمتحاورون يضعون اللمسات الأخيرة لصورة المرحلة المقبلة التي سيتحدد على ضوئها ملامح خارطة الدولة ونظامها السياسي ، بل وملامح الوطن بأكمله . ولاشك أن الحديث عن ضمانات لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار يتطلب من جميع الفرقاء _قبل البحث عن هذه الضمانات_ النظر إلى التحديات القائمة لما بعد هذه المخرجات برؤية ثاقبة لمحاصرة تداعيات أية خطوة سلبية تنعكس على تماسك المجتمع، فضلاً عن العمل المكثف والمخلص في اتجاه الخروج بصيغة لا تذهب باليمن بعيداً، فإن لديه ما يكفي من المشكلات والتحديات الاقتصادية والمعيشية وعلى كافة المستويات. لكل ذلك، يخطئ من يظن أن الحلول للمشكلة اليمنية يمكن أن تأتي بتغليب روح الانتهازية السياسية أو الشطط في التفكير بعيداً عن الواقع أو الانزواء وراء تصورات وهمية ومغلوطة. وما لم تتوفر الإرادة القوية والصلبة للمخلصين تجاه هذه المشاريع الصغيرة والقاصرة، فإن أية ضمانات لا تكفي- مهما كانت - لحماية أية مشاريع خارج عن مظلة الإجماع الوطني.. أو الوهم بإمكانية أن تكون هذه الضمانات حماية لأية أطراف تنسلخ عن هذه الإرادة، بل إن أي رهان يقوم على رؤى ضيقة، لا تأخذ بعين الاعتبار آفاق المستقبل، فإنه - لاشك - رهان خاسر يستهدف إضاعة المزيد من الفرص أمام اليمنيين لالتقاط أنفاسهم وإعادة بناء الدولة الضامنة لكل أبناء الوطن دون تمييز أو تهميش وتحت ظلال سيادة القانون. والمهم في الأول والأخير أن تصدق نوايا النخب وتخلص نياتهم في اتجاه بلورة مشروع المرحلة المقبلة على أساس البحث عن الحل للمعضلة البنيوية والهيكلية التي يعيشها النظام السياسي منذ خمسينيات القرن المنصرم.. وليس في البحث عن متاهات تخرج العملية السياسية التاريخية عن مسارها الصحيح، حتى تحت يافطة الضمانات التي تلوكها أفواه بعض الناس كما تلوك اللبان !! رابط المقال على الفيس بوك