علينا أن نعرف أن «الفيدرالية» من إقليمين هي اسم الدلع للانفصال، ولا يجب أن نضحك على أنفسنا بغير ذلك، «الفيدرالية» من أقاليم عدة يمكن أن تكون محل نقاش للبحث عن الخيار الأفضل من بين عدة خيارات؛ لكنها ليست الحل الأوحد، ولم تكن مشكلتنا مع «الفيدرالية» أو عدمها بقدر ما هي مع غياب الدولة المدنية والقوية والحكم الرشيد والديمقراطية بمعايير وأدوات سليمة توصل حاكماً نظيفاً يعمل موظفاً مع الشعب؛ حُكماً ونظاماً يصنعه الشعب ولا يصنعه الحاكم. ولا أدري لماذا تحوّلت «الفيدرالية» كقضية أولى وتكاد تكون وحيدة مع أن لا معنى لها في غياب الدولة وبناء ضمانات لديمقراطية ودولة قوية وجيش وطني يحمي النظام الجديد وانتخابات نزيهة. إن الألوية الثورية والوطنية هي ضمان لانتخابات نزيهة تؤدّي إلى بناء دولة ديمقراطية وقوية، أصبح لنا مزايدون من الطراز الرديء؛ يصنعون الأزمات، ويعرقلون انتقال السلطة، ويلغّمون الحوار، ثم نجدهم يزايدون على قضية الانتخابات والوحدة وهم من خرّبوا الوحدة ومن مدّدوا الوطن أكثر من ثلاثين عاماً، ثم يتباكون على سنتين لم تكتمل؛ خرّبوا فيها كل شيء، وأعاقوا كل حركة..!!. نعم الأصل أن تُجرى انتخابات عامة ونزيهة؛ وهي لن تُجرى إلا بنظام انتخابي جديد يتلافى كل تخريبات النظام السابق التي قامت من أجل إسقاطه الثورة، وسالت دماء، وأعطينا «حصانة» ليس من أجل ضمان انتخابات نظيفة وتبادل سلمي حقيقي للسلطة يُحدث تغييراً حقيقياً، ومن غير المعقول أن تُجرى انتخابات والنظام الذي ثار عليه الشعب قائم بكل شخوصه ومساوئه، يتوهّمون أنهم سيخدعون الشعب بانتخابات «مكلفتة» وسجلات مشوّهة وإدارة مازالت مغتصبة، وهو اعتقاد ساذج؛ لأن الثورة ما قامت ليعود هؤلاء من طاقة التخريب والعرقلة والمزايدات، ولا يمكن لدماء الشهداء أن تذهب سدى وقاتلوهم محصنّون؛ بل يتهيّأون للعودة بأسلوبهم القديم بعدما وضعوا كل العراقيل أمام استكمال التغيير الحقيقي الذي يهيّئ لدولة جديدة تحقق أهداف الثورة وأحلام الشعب، لابد من انتخابات عامة تُجرى بعد تهيئة الملعب، وهذا الملعب يحتاج إلى تصفيته من «أوضار» الماضي..!!. أكثر من ذلك؛ فإن الانتخابات بحاجة إلى قانون «عزل سياسي» لكل من باشر أو أسهم بقتل الناس في الشوارع ب «البوازيك» ولكل من حكم طيلة عقود ونهب المال العام؛ وهو اليوم يوزّعه لعرقلة التغيير والاستقرار، وأكثر من ذلك لتخريب الديمقراطية وسرقة الانتخابات بدعاوى محاربة التمديد والدفاع عن الوحدة وما شابه من الدعاوى التي يُراد منها الاصطياد في المياه العكرة بعدما لوثّوها طيلة عامين.مسؤولية الحكم الحالي كثيرة ومنها الحسم أمام التخريبات والإعاقات العديدة، ولتُجرى الانتخابات في موعدها يسبقها قانون «عزل سياسي» وهذا أمر طبيعي و«ألف باء» ثورة خاصة في الدورة الأولى، ومع كل هذه التسامحات والحصانات المخلّة التي ستتحوّل مع غياب قانون «العزل السياسي» إلى كارثة، وستدخل البلاد في دوامة هربنا منها كثيراً، وإلا ك«أنك يا بويمن ما ثرت وما غزيت»..!!. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك