الكثير منا يتكلم دون أن تكون هناك حاجة لذلك...كل ما لديه يوجهه إلى الآخر ... لا علاقة له بنفسه, ومن خلال اللحظات التي تحدث فيها، والناس الذين تحدث معهم, يكتب تاريخ الحياة لديه... لا يعنيه ماذا قيل، أو لماذا تحدث, لأن الحديث بالنسبة له هو الحياة، وأي ارتباط مع الآخر لابد أن يبدأ بالحديث... يتحدث كما يريد, لا كلما أراد الآخر, فهو يؤمن بأنه يمارس حقاً مشروعاً, فهو حر, والحر يفعل ما يشاء, ويعيش كما يشاء, ويتواجد أينما يشاء, ويتحدث وقتما يشاء وكيفما شاء... منذ القدم آمنت العرب بأن الكلام ليس عليه جمرك, وانسجمت مع مفردات هذه العبارة... إن الاستماع للنفس هو بداية الحياة إذا ما أصابتك الحياة بالصمم...استمع لصوت قلبك, هذا الصوت الذي يعتبر حقيقة الإنسان الذي لا بد أن يحافظ عليها حتى وإن فقد كل شيء... هذا الصوت الذي يصدر من أعماقك هو أنت الذي بإمكانك الاستماع إليه والتفاهم معه بصمت.... تعتدي أحيانا سيادة الصمت في المكان على جغرافيته, والذي لابد أن يكون هناك نص يليق به...يتسع لأهميته, يستطيع المكان أن يختبئ به حتى لا يفقد ملامحه، على اعتبار أن المكان يظل مرتبطاً بحجم الضجيج الذي به, واستمراريته كمكان جذب حقيقي يأتي من استمرارية تدفق اللغة به... إن السلام مع النفس يعني أن تتحدث معها...أن تمارس وظيفتك في هذه الحياة كما تراها أنت, لا كما يراها الآخر, وبعيداً عن وهم الاستماع إلى الأصوات التي تتحدث في داخلك, وهذه المرحلة لن تستطيع الوصول إليها إلا في الصمت فقط... مارس الصمت وتعرف على أبوابه المتعددة, ولا تنتظر أن يأتي هو إليك, فذلك لن يحصل أبدا...