لاتزال أطروحات تأجيل الانتخابات تأخذ حيزاً واسعاً في مساحات المواقع الإخبارية الالكترونية والصحف الحزبية والأهلية.. وبجانبها تتعدد التبريرات التي لا ندري من أين يستقي أصحابها المعلومات حولها!!. قضية الانتخابات البرلمانية الرابعة.. هي القضية التي أخذت ولاتزال مساحة واسعة - مقارنة بالانتخابات السابقة - من الجدال والنقاش والأخذ والرد.. على طريقة القول الذي أصبح «مأثوراً» حالياً: «لن نشارك - لن نقاطع»!!. ومع جملة الآراء والأطروحات التي ملأت الشارع ضجيجاً، ومعظمها دون سند قانوني أو تبرير واضح يأتي صوت العقل ليسأل عن الأسباب والمبررات الحقيقية التي يجب من أجلها تأجيل الانتخابات، أو حتى مجرد الخوض في هذه القضية، التي تحكمها مبادئ وأسس دستورية وقانونية واضحة، لا ينبغي القفز عليها أو إخضاعها لعمليات الربح والخسارة السوقية، ويناسبني أو لا يناسبني.. ويعجبني أو لا يعجبني. الانتخابات الجزء الرئيسي والمهم من المنظومة الديمقراطية، التي على أساسها تتعزز المشاركة الشعبية، وبها دون غيرها - كخيار ونهج للحكم - تتداول الأحزاب والتنظيمات السياسية السلطة وفقاً لإرادة الشعب ولنتائج صندوق الاقتراع. نحن نسير في الطريق الديمقراطي ولكن ببطء.. ولا يعني إجراء العديد من الانتخابات الديمقراطية البرلمانية والمحلية والرئاسية، إننا أصبحنا قادرين على مواجهة كل الإشكالات التي تقف في طريق الديمقراطية.. كون ثقافة الديمقراطية لاتزال مغيبة ولم تترسخ بعد على المستويين القيادي الحزبي والشعبي الجماهيري. وبدلاً من أن تسهم القيادات الحزبية والوسائل الإعلامية الحزبية والأهلية في ترسيخ هذه الثقافة وتجذيرها بين صفوف الجماهير نراها على العكس من ذلك تبحث عن الإثارة وتوظيف الديمقراطية كيفما تريد، وتسهم في تشتيت الوعي الشعبي؛ وكأن الديمقراطية ليست سوى مزايدات ومناكفات وحرب كلامية!!. الكثير من القيادات الحزبية والصحفية حولت الديمقراطية إلى وسيلة حرب حقيقية وصلت حد الإساءة إلى الوطن وثوابته ومصالحه العليا.. فما بالنا نحرض على المناطقية والفئوية والشللية باسم الديمقراطية، ونحرض على الكراهية وندعو إلى الفتنة والتمزق باسم الديمقراطية !!. ولمصلحة مَنْ هذا الضجيج وهذا التشويه وهذا التلاعب غير المنتهي الذي تشهده الديمقراطية واستحقاقاتها في بلادنا؟!. 18عاماً مضت من عمر الديمقراطية ونحن لانزال نراوح مكاننا.. لا الأحزاب استطاعت أن تتكيف مع مضامينها وأخلاقياتها، ومع نتائجها الحرة التي تفرزها صناديق الاقتراع.. ولا الوسائل الإعلامية بمختلف ألوانها عملت أو أسهمت في ترسيخ وتعزيز ثقافتها وزيادة الوعي بمبادئها وأسسها بين جماهير الشعب. أخطاء الديمقراطية لا تعالج باستمرارية المضي بنفس الأخطاء؛ ولكن تعالج بتصحيح الكثير من المغالطات القائمة، والإيمان بدور جماهير الشعب وإرادتهم الحرة.. بعيداً عن كل مفاهيم الإقصاء أو أساليب الوصاية والشمولية. ويقيناً حاسماً إن أدركنا أن الديمقراطية هي السلوك الواضح غير المنفصم عن الفكر.. وآمنا أنها تقوم على التنافس والقبول بالآخر بعيداً عن الصفقات والتوافقات المضرة بالديمقراطية فلا شك ستجد الديمقراطية من يصوّب مسارها ويحدد اتجاهاتها الواضحة ويعكس مفهومها الواسع والأشمل، الذي يصب في خانة البناء وليس الهدم. وأيضاً ستنتهي كل أشكال الضجيج القائمة والمفتعلة. دعوا قطار الديمقراطية يواصل السير في طريقه الصاعد.. ولنسهم جميعاً في إزالة وإبعاد كل المطبات والعراقيل التي يعمل البعض على وضعها بهدف التعطيل والإضرار بمسارها. ولنبدأ من الآن بفهم أن الديمقراطية هي الشعب، وهي أداته ومنطلقه الأوحد للتغيير.. وأن الانتخابات هي حق الشعب وليست حق الأحزاب.