“خرج اليمنيون في مختلف المدن إلى الساحات في فبراير 2011م ليستعيدوا أهداف الثورة اليمنية السبتمبرية والأكتوبرية وليستعيدوا جمهوريتهم ووحدتهم وديمقراطيتهم وحريتهم في ملحمة شعبية سلمية عظيمة”. كان ذلك فقرة من فقرات الخطاب الأخير للرئيس هادي بمناسبة أعياد الثورة اليمنية الخالدة سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر؛ وكان ذلك اعترافاً كبيراً وانتصاراً جوهرياً لثورة فبراير 2011. وليس هذا فحسب؛ بل جاء في الخطاب أيضاً: “الشباب قادوا حراك ومطالب التغيير والإصلاح والذي يعود إليهم الفضل بعد الله في دوران عجلة التغيير وإعادة الألق للمعاني والقيم الوطنية وإحيائها في النفوس، بعد أن كانت الممارسات الخاطئة من فساد وسوء إدارة ومشاريع صغيرة قد حجبت بريق تلك المعاني والقيم ورسخت أفكاراً سلبية انحرفت عن مبادئ وأهداف الثورة اليمنية، سبتمبر وأكتوبر المجيدتين” .. وتلك فقرة ثانية أتت موضحة للفقرة الأولى؛ لتقضي على من في نفسه مرض، أو يصف ذلك الخطاب بالانقلابي كما سمعنا بعض القنوات التي تتحدث عن ذلك، ولتقول له: إن الثورة مستمرة، ومهما حاول المبطلون والمرجفون الوقوف ضدها فإن الشعب والشباب لهم بالمرصاد، ولم يهدأ لهم جفن أو يقر لهم قرار إلا وقد رأوا أهدافهم واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، أو وضوح القمر ليلة البدر. ويستمر الخطاب الرئاسي قائلاً: “تلك المبادئ والأهداف الإنسانية النبيلة جاءت لإرساء أسس الحرية والعدالة والمساواة وللتخلص من ثنائية الفساد والحكم الفردي وبناء دولة المؤسسات وخلق واقع جديد تسود فيه العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية وتترسخ فيه أسس الحكم الرشيد وتشيد في كنفه مداميك الدولة المدنية الحديثة ويعلو صوت الحق والعدل على كل صوت ويطبق النظام والقانون على الكبير قبل الصغير” ولم تكن تلك الفقرة الثالثة مجرد صدفة أو عبث، وإنما خرجت من معاناة وآلام تجرّعها الشعب اليمني طيلة 33 خريفاً، وانفجرت من واقع كئيب ومظلم لتنعم بواقع جديد وقيم مثلى بانية للدولة المدنية الحديثة، دولة النظام والقانون إن شاء الله تعالى. ويوضح الخطاب الرئاسي أيضاً فضل الشباب ويكرر دورهم النضالي بالقول: “نعم لقد كان لأبنائنا الشباب الفضل في إحياء هذه القيم والمعاني الوطنية العظيمة، لذلك فإن ثورتهم السلمية ليست بديلاً عن الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر بل إنها مكملة لها ومصححة لمسارها ورافعة لأهدافها ومحافظة على مكاسبها”..وهذا اعتراف واضح أيضاً أن ما أتت الدولة الجديدة برئيسها وحكومتها إلا بالشباب وهم الركيزة الأساسية في التغيير، وأن ثورة التغيير جاءت مكملة لثورات سابقة وحذت حذوها. خلاصة القول: في الخطاب الرئاسي لاحظنا انتصاراً عظيماً للشباب ولثورتهم المباركة، وهذا من صميم التغيير، وهو شيء مثالي وخطاب جوهري قلما نجده عند الديكتاتوريين ورافضي التغيير، كما أن فقراته إيجابية يجب التذكير بها والإشادة بها في كل وقت وحين، لكن تلك الفقرات تريد أيضاً من أصحاب القرار في اليمن أن لا ينسوا رائدي ثورة فبراير، ويجب ألا يكبتونهم بالتهميش والإقصاء والاكتفاء بالخطابات فقط وإنكار دورهم في المستقبل إذا كان دورهم إيجابياً في الماضي، هذا من جهة، ومن جهة ثانية مازال جرحى ومعاقو ثورة فبراير يئنون ويتألمون، ومازال بعض أسر الشهداء يعانون اليُتم والفاقة، ومازال هناك بعض المخفيين قسراً، ومن أجل الانتصار لهم حقاً وحقيقة لابد أن نلمح بادرة أمل في التوجيه باعتماد راتب شهري لأسرة كل شهيد، وباعتماد راتب شهري أيضاً لكل جريح أو معاق، ويجب البحث عن كل مخفي، وهذا يعود إلى فريق العدالة الانتقالية في مؤتمر الحوار الوطني، ونأمل بإقرار قانون يخص جرحى ومعاقي ومخفيي وشهداء ثورة فبراير منتصراً لهم ولنضالاتهم السلمية، ولا نظن أن رئاسة الحوار وبالتحديد رئيس الجمهورية سيخالفون الانتصار للشباب ولثورة 2011 المكملة لثورات الأحرار السابقة، بل إنهم سينتصرون للشباب وللثورة بالأقوال والأفعال، وهذا ما نتمناه، ومن جهة أخرى: الانتصار للشباب ولثورة فبراير يجب أن يكون حذراً من الفئة الخفية التي تشبه الدولة العميقة في مصر، وإن كانت تصب في مجراها؛ لأنها نهبت الأرض والوطن، وأكلت الأخضر واليابس، وبتلك الأموال تشتري الذمم - والعياذ بالله - من أجل الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار، إضافة إلى أنها تلعب بالحبلين وتأكل باليدين، ناهيك عن أنها عاثت في الأرض فساداً وبعضهم ظلموا الناس وقتلوا الأنفس المحرمة ونهبوا المال العام دون رقيب أو حسيب، كما أن هذه الفئة تعلن الخراب بالخفاء على ممتلكات الشعب وثرواته المتعددة، كالكهرباء والنفط والغاز وغيرها، الأمر الذي يجعل ضعفاء النفوس يصدقون أن الثورة لم تنجح، ويجعلهم يتأسفون على الماضي، لكن هذه الفئة الخفية مفضوحة وإن لبست لباس الزاهد، والشعب اليمني يدركها تمام الإدراك، ولا مقام لها في يمن التغيير، والانتصار للشباب وللثورة سيقضي عليها بإرادة أبنائه المخلصين الذين يريدون الخير والنماء والتطور والنهضة لهذا الوطن، “وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون”. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك