يحق لقارئ المقال أن يستغرب المقارنة بين الحكواتي والمسرح بمفهومه الأكاديمي الأوروبي، لكنه سيتفق معي حتماً حول وجود عناصر مسرحية خاصة في فن الحكواتي التاريخي المعروف.. ذلك الفن المرتبط بالتراث الشفاهي البسيط، الذي يتّسع لشكل من أشكال المونودراما الصوتية المقرونة باتصالات تعبيرية “غير لفظية”. تعمَّدت اختيار هذا العنوان ليقيني بأن القديم يمثل مستودعاً كبيراً للجديد، وأنه لا جديد بخصوصيته المحلية دونما التفات للقديم، وقد رأينا تجارب استدعاء هامة للتاريخ في المسرح العربي، كما هو الحال بالنسبة لمسرح الشيخ د. سلطان بن محمد القاسمي التاريخي، وكما رأينا قبل حين عند المسرحي «الفريد فرج» الذي التقط قصة المهلهل ليباشر نقداً جارحاً لأوضاع العرب بعد نكبة فلسطين. لكن الاستدعاء لمسرح الحكواتي يتضمن سلسلة من المقترحات المستقبلية الافتراضية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر الاستحضار الفني للتواصل الشفاهي المقرون بلوازم صوتية تُميّز العرب وتمنح الحديث قيماً تعبيرية خاصة، وكذلك الانزياح بالمفهوم إلى مستويات تتداخل مع اشتراطات المسرح المعاصر والقابليات التقنية الجديدة، مما يفتح الباب لخيالات واسعة كتلك التي ألهمت السينمائي الروسي العتيد «ايزنشتين» في رائعته السينمائية « المدرعة بوتومكين»، وألْهمت «داريو فو» الإيطالي قيماً مسرحية تستدعي السرد والتشكيل بكيفيات لافتة.في مسرح الحكواتي عناصر قابلة للتمدد الأُفقي والرأسي، على قاعدة التحول الناعم نحو أشكال جديدة للتعبير الجامع بين السهل والممتنع، مما يدركه المسرحيون المهجوسون بالتجريب والتطوير. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك