الشعرية الغنائية عند لطفي جعفر أمان صادرة عن ثقافة بيان وبديع راكزين، حيث نجد امتدادها الأكبر في البُعد الموسيقي الصرف الذي ميَّز نصوصه الغنائية الملحونة باللهجة العدنية، مما يمكن اعتباره البُعد الأكثر وضوحاً ومتابعة من قبل عموم عارفيه وعشاق فنِّه. الشعرية العربية بمعناها الواسع ماثلة في كامل ملحمته الشعرية المسطورة في أساس وتضاعيف شعر كبار الرومانتيكيين العرب. في الجانب التشكيلي وقعتُ على لوحة «بورتريت» لفتاة مرسومة بالألوان المائية، وعديد من التخطيطات الدراسية لأعمال فنية بالقلم الرصاص، وتصميم فريد لغلاف كتاب استحضر فيه الفنان لطفي كامل القوانين الفنية الناظمة لفن التصوير الحُر، وأبرزها التكوين والضوء والظل، والتعبيرية الفنية، والتشريح للجسوم، وحتى المنظور الفني في البُعد الثالث، ولاحظتُ أن لطفي كان يتمتع بحس أكاديمي، وبروحية فنية قريبة من منهج جبران خليل جبران في الرسم، لكنه لم يكن منصرفاً للرسم كما أزعم، بالرغم من أدواته الأكاديمية واضحة الملامح، واستبطانه العالم بالمدرسة الرومانتيكية الفنية. في المونودراما الشفاهية لا يكفي القول بأنه كان إذاعياً سليم اللغة، قوي البيان .. بل كان إلى ذلك مقتدراً في تقليد الأصوات، كما عرفت من أقرب الناس إليه، حتى أن لطفي كان بوسعه تدوير عمل درامي إذاعي متعدد الشخوص، وبصوته الفردي الصرف، مما يشير إلى ثقافة مسرحية متقدمة، فالمونودراما المسرحية تمثل قمة الأداء التمثيلي النابع من معارج الصوت القابلة للتدوير الدرامي، بل إن الدراما الإذاعية كانت وما زالت تمثل منصة الانطلاق الراسخ للمسرح بعامة. في الجانب النقدي، وقعتُ على مُقاربات نقدية حول الشعر، كان الفضل في تبصيري بها للشاعر الراحل القرشي عبدالرحيم سلام، وأكثر ما لفت نظري في تلك القراءات المنشورة في أعداد قديمة من مجلة “ الحكمة” الثقافية أنها باشرت استسباراً متقدماً لماهية الحداثة الشعرية، ومعنى موسيقى الشعر المجبولة بخوارزميات صوتية لا متناهية. وأزعم أن مُقاربة لطفي المبكرة حول شعرية الشعر تومئ تماماً إلى تحليق مبكر في فضاء المستقبل، في زمن كان الشعر العمودي فيه سيد الموقف. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك