حدّدت اتفاقية التسوية السياسية للأزمة الوطنية مهمة حكومة الوفاق الوطني بوضوح في إعادة الخدمات الأساسية للمواطنين , وفي المقدمة منها خدمة الكهرباء , وعلى مقربة من نهاية الفترة الزمنية , لا يحتاج المواطن الى دليل لإثبات الفشل الكامل والظاهر للحكومة في هذا المجال. في الأيام العشرة الماضية , خرجت الكهرباء عن الخدمة نهائياً , على الأقل في أمانة العاصمة , وكان المواطنون ينتظرون من الحكومة بياناً يضعهم أمام الواقع كما هو , ويجعلهم على بينة مما يجري , وما يمكن فعله تجاه التطورات التي جعلت خطوط الكهرباء عرضة للتدمير المتدرج حتى بلغ درجة من الشدة والحدة , فجّرت برج الكهرباء كله , ثم منعت بالقوة محاولات إعادة بنائه وإصلاح ما خربته قوى الظلام. يبدو ان حكومة الوفاق واثقة حد اليقين ان فشلها لا يعرضّها للمساءلة ولا يهدّد وجودها بالزوال , وهو أمر طبيعي اقتضته المرحلة الانتقالية , فهذه الحكومة لا تتوقع لنفسها مستقبلاً بعد نهاية هذه المرحلة , لذلك لا يهمها النجاح ولا يخيفها الفشل ولا تخشى عواقبه على مستقبلها السياسي فهي حكومة مؤقتة لا ماضي لها ولا حاضر ولا مستقبل ايضاً. غير ان حكومة الوفاق معيّنة من قبل أحزاب سياسية كثير منها يستعجل الانتخابات القادمة , وهذه هي المسؤولة عن حاضر الناس والمهتمة بالمستقبل , لذلك يفترض أنها تحرص على النجاح وتخشى الفشل وتخاف من تأثير هذا الفشل على شعبيتها في مستقبل تعود فيه الى الناس لحشد أصواتهم لصالح مرشحيها في صناديق الاقتراع , هذه الأحزاب لا تهتم للفشل ولا تبالي بآثاره فهي واثقة انها محمية من غضب الشعب , لأن الشعب لن يجد لها بديلاً ولن يستطيع تجاوزها بأي حال. تتسلّى أحزاب الوفاق بمعاناة الناس ومأساتهم اليومية , فهي في شق منها تروّج ان فشلها سببه بقايا النظام القديم , وفي الشق الآخر تتخذ من مأساة الشعب مادة دعائية لتأكيد زعمها أن القديم أفضل , أو أن المعارضة أسوأ , وهكذا تتقاذفنا هذه الأحزاب في مأساة يومية جعلت الحياة جحيماً لا يطاق ولا يحتمل , غير ان هذا التضليل واليأس من الجميع يجعلان الشعب يؤخر غضبه الى لحظة يكون فيها مستعداً لتغيير هذا الفشل الذي توافق ضد الناس والحقوق. بعد فشل أحزاب الوفاق في اعادة الخدمات الأساسية للمواطنين , يمتد فشلها الى استعادة الأمن والاستقرار , ليكون حصاد اداء حكومتها الوفاقية في عامين انفلاتاً أمنياً متزايداً لم تسلم منه حصونها العسكرية والأمنية , وهذا التردي الأمني , يهدد ما تبقى من النظام وسلطة الحكم , بالفشل والانهيار , حين تشعر كل مجموعة سكانية بأن فرصتها سانحة للسيادة على الأرض بعيداً عن سلطة حكم لم يعد لها وجود حتى في العاصمة او المبنى الرئيسي لحكومة الوفاق. لم تشعر احزاب حكومة الوفاق الوطني بأنها مسئولة امام أحد , ولا حتى الشعب , والحال ان هذه الأحزاب توافقت على تجريع الشعب غصصاً يومية , متهربة من مسئولياتها الأخلاقية , لهذا لم تكلف نفسها عناء الاعتذار للشعب او اعلان الحقيقة له ليكون على بينة من أمره , ولن تخدعنا هذه الأحزاب بزعم انها تحرص على حالة الوفاق وتجنب كل ما قد يفجر الوضع العام , لأن هذه الأحزاب تتبادل الاتهامات حول فشل حكومة الوفاق في مجال اعادة الخدمات أو مجال استعادة الامن والاستقرار. هذه الأحزاب تحاول الامتداد بفشلها في حكومة الوفاق الى مؤتمر الحوار مستعيدة شعارات الأزمة وعنوانها في وحدة اليمن , وهي شعارات تتجاهل هذه الأحزاب ان الواقع يتحرك نحو تدمير مقومات الوحدة , وهدم ما تبقى من دولة كانت مجسدة بسلطة حكم , وبقايا أمل بأن هذه الأحزاب سوف تستغل الفرصة السانحة بعد عام 2011م , للانتقال باليمن الى مستقبل جديد وواعد بالتقدم والازدهار. تكلمت هنا اجمالاً , فالقضية لا تستحمل التعيين والتحديد على امل ان لا أضطر في القريب العاجل الى تسمية الأزمة بمسمياتها كما كانت وكما هي الآن , فالحوار الوطني الشامل يفرض على كل مهتم بالوطن والغد أن يراعي الوفاق والشراكة دون ان يهادن الفشل والإفساد. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك