لا يمرُّ يوم على تعز إلا وتزداد دراما وأكشن الانفلات الأمني الذي لم يعد من الممكن تسميته إلا (انقلاب أمني وانساني واخلاقي) فهو كذلك بكل ما تحمله الكلمة من معنى وخروج عن المألوف والفطرة والعرف والأخلاق بشكل مخيف يبعث على النفس الألم والفجيعة. مؤخراً صعقنا بخبر اختطاف عروس من (محل الكوافير) على أيدي مسلحين، لدى قراءتي للخبر المرعب تواردت على ذاكرتي بعض صور ولقطات أفلام الغرب الأمريكي المشهود لها بالعنف والإجرام وخصوصاً اللقطة التي يهاجم فيها مسلحون (الكاو بوي) الممتطون الأحصنة أحد (البارات) وبعد أن يمعنوا في الشرب والسُكر وتحديداً في لحظة خروجهم يختطفون فتاة يضعونها لاحقاً على ظهر أحد الأحصنة ويمضون وهم يطلقون وابلاً كثيفاً من الرصاص وراءهم. أرعبني الخبر كثيراً, وربما جعلني الرعب أتهرّب من حقيقة تصديق أن مثل ذلك قد يحدث عندنا في اليمن وفي تعز تحديداً، ولا داعي لأن أخوض في ماهية تعز لأذكركم بها فكلكم يعرفها عن ظهر قلب ويحفظ لها جميل العلم والثقافة وسبق المدنية والثورة والحلم الذي غدا اليوم أشبه ب (رازم) يقض مضجع تعز وكل أبنائها, بل الوطن أجمع. الغريب أن تعجز الجهات الرسمية والأمنية كل هذا العجز البشع والمشين في تعز, وأن يختفي حس المسؤولية والواجب من همم وقلوب أبنائها كما لم يحدث من قبل. الجهات الرسمية مازالت تكتفي بمواصلة إلقاء اللوم والعتب وتعليق فشلها كل يوم بشماعة, وبجهات شتى, فتارة تحمل اللوم صنعاء, وتارة بعض قيادات في المدينة, وأخيراً وكما جاء على لسان المحافظ وجود (حزب كبير). تتوالى الاتهامات ,والإخفاقات , ويستمر الوضع في التدهور والانزلاق نحو الأسوأ , كل شيء في المدينة لم يعد كما كان شبابها المتأنقين, فرحها المكتظ بأغاني أيوب, ومنى علي, أزقتها الضيقة الطافحة برائحة القمامة والمجاري, بشكل يثير في داخلك الاستغراب والتساؤل عما إذا كان هناك حقاً وجود لسلطة محلية في تعز, كثرت المبادرات الشبابية المملوءة حباً لتعز من شباب استشعروا المسؤولية في وقت اختفت فيه من قلوب المسؤولين, ولكنها وللأسف توأد في مهدها, ولا يبدو لها أثر, لأن الكل فقد إيمانه بجدواها اليوم خصوصاً أنها مشاركات فردية, لا تتخلى عنها الجهات الرسمية, والدعم, والرعاية, لذا لا تؤتي أكلها ولو إلى حين. الانقلاب الأمني في المحافظة أمر لم يعد مقبولاً, ولم يعد يطاق, وعلى جميع المتصارعين على أنقاض تعز اليوم أن يعوا أنه قد حان وقت الاعتراف أن مزيداً من العنف والجريمة سيذهب بنا وبهم معاً نحو الكارثة, ومنزلق العنف أكثر, وسيكونون معنا يدفعون ضريبة كل ذلك الإخفاق, وشرارة نار خلافاتهم ستأتي علينا, وعليهم ولن تكتفي بالمواطن المغلوب بهم. رابط المقال على الفيس بوك