كالعادة يموت المبدعون في اليمن كمداً وهماً وحرقة. ودائماً أتساءل: لماذا يكرم المبدعون بعد موتهم؟ لماذا لا يكرمون وهم أحياء حتى تعود إليهم الثقة في وطن يبيع أبناءه بالجملة والتجزئة على كل دول العالم؟! ما الجدوى من تضمين أعمالهم لمكتبة الوطن التراثية بعد أن فقدوا الأمل في أن يكون لإنتاجهم الفكري ألق يذكر؟! لعل تكريمهم في حياتهم سيكون دافعاً لهم لتقديم المزيد من الإبداع والتميز لكن من يأبه لك أيها المبدع المسكين إن تميزت أو لم تتميز؟!! أرى في تكريم المبدع الميت إهانة كبيرة له ولأسرته، وكأنه اعتذار قبيح عن خطأ أكثر قبحاً، بل كأنه تلك الصدقة التي عجزت أن تقدمها يمينه فتفضلت بها شماله إحساناً وشفقة. المبدعون في اليمن من ذوي الاحتياجات الخاصة، نعم فهم قد لا يكونون أصحاب إعاقات ذهنية أو حركية، لكنهم يقفون أمام أصحاب قرار يعانون من إعاقة فكرية ومعنوية يهضمون حقوقهم ويحاولون النيل من أعمالهم ويستحوذون على كل فرصة يمكن أن يرتفع عبرها المبدع إلى سماء الذات الغائبة. هم من ذوي الاحتياجات الخاصة لأن لهم احتياجات خاصة فعلاً فهم بحاجة لبيئة حاضنة وتمويل يكفل نشر أعمالهم الفكرية أو الفنية أو الحرفية واحتفاء بانتمائهم لهذا الوطن الذي لا يحتفي بهم إلا بعد أن تتحلل أجسادهم تحت سطح الأرض. أصبحت أخاف حقاً من أن لا أستطيع طبع كتبي الثمانية وأنا في ثوب الحياة ولا زلت أذكر كم باب حكومي وخاص طرقت حتى أتمكن من طباعة كتبي لأكون في مصاف الكاتبات اليمنيات المنتجات على المستوى الإقليمي وليس الوطني فقط، بل العالمي أيضاً إن استطعت ترجمتها إلى لغةٍ أخرى يفهمها العالم، لكن إلى الآن لا تزال كل الأبواب مغلقة ويبدو أنني يجب أن أموت لأحصل على تكريم ممن لا يكرمون إلا الموتى! فأين هي وزارة الثقافة من أعمالنا؟ أين هو اتحاد الكتاب والأدباء من إنجازاتنا الفكرية؟...لا أريد أن أقول أين هي تعز كعاصمة ثقافية من أبنائها حتى لا أكون ابنةً عاقة لمدينتي الأم ولأنها أصبحت الأمل الوحيد الذي أرجو أن يكون مخرجاً للنور لي ولزميلاتي من الكاتبات المبدعات في تعز.. ففي محافظة الثقافة والمثقفين هذه لا صالونات أدبية راقية، ولا منتدى أدبي نسائي، ولا فعاليات ثقافية خاصة بتقديم مثقفات تعز للمجتمع، بل هو مجتمع ثقافي ذكوري إلى أقصى درجة، وهذا ما لا يستطيع تصديقه العقل، فهل تهمش المرأة المثقفة في عاصمة الثقافة؟! وهل هو جزاء سنمار أم إنها لعنة الفراعنة التي أطلقت عنان العقول الرجالية وقيدت عقول النساء؟! في الحقيقة أنا لا أتخيل هذا التجاهل في مثل هذه المحافظة والأمر متروك للأخ المحافظ وأصحاب القرار الثقافي في تعز ليثبتوا عكس هذه القاعدة أو يعملوا على تأكيدها، وأهم ما في الأمر أن لا يكرمونا بدفن آمالنا، فإكرام الحي دعمه أيها السادة. رابط المقال على الفيس بوك