تستكمل خلال الأيام القادمة الانتخابات النهائية لأعضاء الهيئة الإدارية لنقابة أعضاء هيئة التدريس بجامعة تعز, بعد استكمال انتخاب الهيئات النقابية على مستوى الكليات، ورغم شكوى البعض من أعضاء هيئة التدريس المستقلين من حدوث تنسيقات وتحالفات حزبية سادت انتخابات ممثلي النقابة بالكليات, إلا أن الأمل مازال موجوداً عند العديد من أعضاء هيئة التدريس ومنتسبي الجامعة في أن تتغلب ثقافة الانتماء للجامعة كصرح علمي وأكاديمي، والعمل من أجل تطويرها وتنميتها, على ثقافة الانتماء الحزبي وتنفيذ أجندات حزبية داخل حرم الجامعة, عند الكثير من أساتذة الجامعة وخصوصاً المرشحين أو الراغبين في ترشيح انفسهم لقيادة دفة العمل النقابي خلال الفترة القادمة, بحيث تفرز الانتخابات القادمة نقابة مهنية أكاديمية تدرك جيداً دورها المهني في خدمة جميع أعضاء هيئة التدريس بالجامعة بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو المناطقية، وتنأى بالعمل النقابي داخل الجامعة عن المكايدات الحزبية والسياسية, التي ينعكس تأثيرها سلباً على مختلف جوانب الأداء الاكاديمي بالجامعة، ويكون ضحيتها الوحيد الطالب المسكين الذي أصبح لا حول له ولا قوة نتيجة الصراعات والمكايدات الحزبية في الجامعة. والحقيقة التي يدركها جميع منتسبي الجامعة اليوم هي نشاط وحماس الأستاذ الدكتور محمد الشعيبي رئيس الجامعة والجهود التي يبذلها لتحقيق تطور ملموس في مختلف الجوانب الإدارية والأكاديمية والإنشائية داخل الجامعة، لكن هذا النشاط والحماس من رئيس الجامعة لوحده لن يؤتي ثماره ويحقق نجاحات على صعيد الواقع العملي بالجامعة ويعالج الكثير من الاختلالات وأوجه القصور فيها مالم يصاحبه حماس ونشاط مماثل من جميع منتسبي الجامعة، وخصوصاً أعضاء هيئة التدريس وقياداتهم النقابية، بحيث يشكل الجميع فريق عمل واحد ومتجانس مهمته الأولى والأساسية الارتقاء بهذا الصرح الاكاديمي الهام نحو الأفضل في مختلف المجالات، بعيداً عن المكايدات والصراعات الحزبية والمصالح الضيقة. إن اختيار أعضاء الهيئة الإدارية للنقابة يجب أن يتم على أسس ومعايير ومرتكزات هامة منها: تفرغ العضو للعمل النقابي والنشاط والجدية من منطلق أن العمل النقابي مغرم وليس مغنماً، بحيث يكون الهدف من وجود أي شخص في الهيئة القيادية للنقابة متمثلاً في خدمة زملائه وجامعته, وليس بغرض الشهرة، أو إضافة لقب جديد إلى سيرته الذاتية، أو حجز موقع في النقابة لهذا الطرف أو ذاك.. بالإضافة إلى الإخلاص والقدرة على ممارسة العمل النقابي، ذلك أن العمل النقابي يحتاج إلى ملكات خاصة لا تتوفر لدى كل الناس، فالقدرة على ممارسة العمل النقابي ترتبط بالشجاعة والإصرار والصبر وسعة الصدر، لأن قيادات النقابة يصبحون بين مطرقة الجهات الرسمية وسندان زملائهم في النقابة، ومهما عملوا فلن يسلموا من غضب هؤلاء ولن يحظوا برضا أولئك. ولعل أهم شرط - من وجهة نظري – يجب أن يتوفر في أعضاء الهيئة الإدارية للنقابة هو عدم التسيس للعمل النقابي, ولا اقصد بالتسيس هنا عدم اشتغال قيادات النقابة في المجال السياسي أو حتى عدم تحزبهم، لكنني أقصد عدم تسخيرهم مهامهم النقابية لخدمة مشاريعهم السياسية، أو تنفيذ أجندة الأحزاب التي ينتمون إليها، أو الاقتصار في تقديم الخدمات النقابية على من يشاركونه الانتماء السياسي أو الحزبي وتفضيلهم على بقية أعضاء النقابة الآخرين، ويدخل في التسيس أيضاً مجاملة الأشخاص الذين نعتقد أنهم قد منحونا أصواتهم ، لأن مهمة النقابي بعد فوزه تتمثل بخدمة جميع أعضاء نقابته دون استثناء، وعندما نتحدث عن عدم التسيُّس فنحن نقصد أيضاً أن يمتلك النقابي قدرة على ممارسة عمله بحيادية، بحيث يوجه نشاطه النقابي للتفاعل مع كل الجهات الرسمية المتعلقة بنقابته، بغض النظر عن الانتماء السياسي لمسؤوليها؛ سواء توافق معهم أو تعارض. وأن يمتلك النقابي أيضاً قدراً من الاستقلالية.. والاستقلالية هنا لا تعني عدم حمله لبطاقة حزبية، لكنها تعني قدرته على ممارسة عمله من منطلق الحق والصواب، بحيث لا يكون مجرد دمية في يد حزبه يحركه في الاتجاه الذي يريد. ختاماً أقول إننا اليوم كأعضاء هيئة تدريس في هذه الجامعة أحوج ما نكون إلى نقابة مهنية, تدرك احتياجاتنا ومتطلباتنا, وتدافع عن حقوقنا, وتسهم في حل مشاكلنا وتحسين ظروفنا وبيئة عملنا، نقابة تتحرك وتدير مهامها بوازع من ضمائر قياداتها وثقافتهم العلمية وأخلاقياتهم الأكاديمية ومسؤولياتهم وواجباتهم المهنية نحو زملائهم وجامعتهم , ولا تحركهم أو تديرهم مرجعياتهم الحزبية وأجنداتها وثقافتها وأيديولوجياتها السياسية أو مصالحهم الخاصة ..اننا نريد هيئة إدارية للنقابة تتفهم مشاكل ومعاناة أعضائها, وتتعامل معهم بمهنية وشفافية عالية, دون تصنيف شخصي أو حزبي أو مناطقي أو شللي، فنحن كأساتذة جامعة نعد صفوة المجتمع وقدوته وعقله المفكر, و رسل العلم والثقافة والهداية لأبنائه, ومالم نجسد ذلك في سلوكنا وأخلاقياتنا وأدائنا العلمي والأكاديمي, وتعاملنا مع بعضنا ومع طلابنا وأبناء مجتمعنا, وطريقة اختيارنا لنقابتنا ومن يمثلنا فيها وفق معايير علمية وأكاديمية وقانونية وأخلاقية ومهارية, فإننا بلا شك سنفقد عما قريب ثقة واحترام مجتمعنا وطلابنا, ونفقد حقوقنا ونحرم من نقابة فعالة تمثلنا وتهتم بنا. * أستاذ التسويق - جامعة تعز رابط المقال على الفيس بوك