بأي عبارات القدح والذم يمكن أن نصف بها تلك المجزرة المروعة التي هزت كل الضمائر الحية والنفوس الأبية واستنكرتها الإنسانية كلها. مجزرة وزارة الدفاع ومستشفى العرضي لن تمحى بسهولة من ذاكرة الشعب ولن تنسى ببساطة مهما تزاحمت الأحداث علينا نحن اليمنيين الذين وصفنا الرسول الأعظم أننا شعب “ارق قلوباً والين أفئدة “ أما أولئك الذين نفذوا جريمتهم النكراء فهم ليسوا منا وليسوا من الذين وصفهم الرسول بتلك الأوصاف ولا حتى من الأشعريين المتصفين بالرحمة والتراحم فيما بينهم ، أولئك نفر لا جنس لهم ولا نسل يمكن إرجاعهم إليه فلا يمكن أن يكون من نسل البشر حتى الشيطان قد يبرأ مما صنعوه ومما ارتكبوه. ألهذه الدرجة هناك من يتصف بصفات البشر ويقوم بتلك الجرائم التي لو نطق الحجر والشجر للعن مرتكبيها ولصرخ الجماد من هول الفاجعة ووحشية العمل الإجرامي الذي شاهده الملايين من الناس عبر شاشة التلفاز بعد أن كانت كاميرات المراقبة ترصد ما يجري ، ولو فطن لها القتلة وقتها لأعدموها قبل إعدام البشر ، لكنها إرادة الله في أن يكشف جرم وبشاعة الحادثة التي مهما كانت الأسباب وراء تلك الجريمة لما كان الانتقام بتلك الصورة الوحشية التي تنبئ عن قلوب أقسى من الأحجار ولا يسكنها رحمة ولا شعور ، فهم قتلة محترفون تشربوا الإجرام ورضعوه بدون شك ، وإلا من كان في قلبه ذرة رحمة وقليل من إيمان لما كان تجرأ وأزهق نفوساً بريئة تبحث عن علاج لدائها وآلامها. إن الشرائع السماوية كلها ترفض وتجرم قتل النفس البريئة وجاء الإسلام فأكد على قيمة النفس وحقها في الحياة حتى ولو لم تكن معتنقة الإسلام آخر الأديان السماوية ولذلك نجد الآيات القرآنية في كتاب الله تعالى تؤكد على مكانة النفس وقيمتها ومنها قول الله تعالى (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقّ) ِ ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم” لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة”، والنفس التي حرم الله هي نفس المسلم ونفس الكافر المعاهد والذمي والمستأمن قال صلى الله عليه وسلم: (من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة)، وقال الله تعالى:(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)، فجعل نفس المعاهد مثل نفس المؤمن في قتل الخطأ تجب بها الكفارة والدية وحرم سبحانه قتل نساء الكفار وصبيانهم ورهبانهم وشيوخهم وأمر بقتال المقاتلين منهم المدافعين عن الكفر الصادين عن الإسلام وأمر بقتل المرتد وهو الذي يكفر بعد إسلامه بارتكاب ناقص من نواقص الإسلام بعد استتابته لأنه عرف الحق وآمن به ثم ارتد عنه بعد معرفته فيقتل حماية للعقيدة التي هي أولى الضرورات الخمس التي جاء الإسلام بحفظها وفي غير هذه الأحوال فالنفس معصومة وكرامة الإنسان محفوظة. كلنا يدرك أن “الإنسان المؤمن قد يخاف من القيام ببعض السلوكيات بسبب وجود جهنم في الآخرة ! لكن الإنسان غير المؤمن ما الذي يمنعه من عمل تلك السلوكيات طالما أنه لا يؤمن بوجود الجحيم ؟” فطالما انه لا يؤمن بالجحيم ولا النار والدين فلاشك أن هناك شيء قد يمنعه من ارتكاب أي سلوك يتنافى مع الأخلاق المتعارف عليها بين الناس والشهامة والمروءة .” إذاً “فالشخص غير المؤمن يمكن أن يكون أخلاقياً بدون الحاجة لوجود دافع أخروي كما تقول به الأديان من جنة و نار .! هل يعني هذا بأنه لن يقوم أي شخص “ غير مؤمن “ بأفعال سيئة مثل القتل أو السرقة أو خلافه .... لا طبعاً قد يقوم أفراد من غير المؤمنين بتلك الأفعال السيئة .! لكن ذلك ينطبق على المؤمنين أيضاً ممن يقتلون أو يسرقون .! ليس هناك أي شيء فعال لوقف مثل هذه الأمور بالكامل , إلا من خلال إلغاء وجودنا أصلاً !”. إن فاجعة الدفاع وما نتج عنها من قتل وتخريب وتدمير مادي ومعنوي وقتل نفوس بريئة تجعلنا نحن كشعب مسلم ومسالم نطالب الدولة بمختلف أجهزتها عدم التهاون مع مرتكبي تلك الجريمة البشعة ، وان تعمم بسرعة تركيب كاميرات مراقبة في كل المواقع العامة المكتظة بالمواطنين وان تعمل على توفرها في المؤسسات والمرافق الرسمية وان يكون عليها من يمتلك البديهية واليقظة لكل موقف مشكوك فيه. وقبل الكاميرات ينبغي أن يعاد النظر في الوظائف التي يقوم بها الإعلام اليوم وان تعاد صياغة الرسالة الإعلامية بما يوجد المواطن الصالح المحب لدينه ووطنه وان لا نبقى نمجد أشخاصا ونمدح أفرادا وننسى وطناً يدمر بأيادٍ عابثة باعت نفسها وضميرها للشيطان. مطلوب من الدولة تطبيق القوانين وتفعيلها بما فيها قانون منع حمل السلاح وارتداء البزة العسكرية لغير العسكريين ، ومحاسبة كل من يتستر على مجرم ويخفي معلومات عن شبكة أو خلية إرهاب ، نريد محاكمات علنية لكل من تورط في تلك المجزرة أو من ساهم في قتل النفس اليمنية وغيرها من الجنسيات في تلك الجريمة أو غيرها . مطلوب من الدولة الاستفادة من تقنيات العصر الحديث في عملية المراقبة والتفتيش والتحري في المداخل والمخارج وفي البوابات الرئيسية للمصالح الحكومية وحتى في دور العبادة مطلوب توفر الأمن فيها لروادها فما يحدث اليوم يتطلب الحيطة والحذر. رابط المقال على الفيس بوك