لا أعرف شاعراً فارقاً في الذاكرة الشعبية الغنائية له تواضع وإجلال الأستاذ الراحل عبد الله هادي سبيت، صاحب التاريخ الإبداعي الحافل والخصب والملهم في مجاله.. كنا نراه في شوارع تعز يمشي ب (شنابل) رجليه عفيفاً نزيهاً ممتلئاً من الداخل تماماً كقديس بعمامته البيضاء، وشميزه ومعوزه الأبيضين كذلك ، بل لكأنه صومعة متحركة من العشق والحرية والنزاهة الإنسانية المدهشة التي لاتوصف، فيما كان بملء إرادته المطمئنة يفضل أن يكون عابراً متصوفاً سامقاً بدون أن يحدث أي ضجيج أو حتى لفت نظر حوله، ولذلك كان يمشي بكل خفة ورقة واعتداد بمقابل أن يكون القاطف المتمكن لفاكهة الجوهر الصعب فقط ، ومتسقاً جداً شكلاً ومضموناً ونصوصاً ومراساً إنسانيا... إلخ!. الحاصل أنني أستحضر هنا جزءاً من سيرة الراحل الكبير الذي اقترن بثورة أكتوبر الخالدة وبأهم الأغنيات الرائجة وطنياً وعاطفيا، لأنني البارحة صادفت شاعراً غنائياً شهيراً جداً – مع انه في الحقيقة مجرد مداح حزبي من طراز رفيع الوضاعة للأسف - وهو في حالة هيجان قصوى داخل سيارته - التي صرفت من رأس النظام السابق - يلهج ويزبد ويرعد في شتم رجل مرور مسكين ومعه في السياق بعض العابرين والسائقين أيضاً ، كما يهددهم «بالأمن القومي» ويذكرهم باسمه ومن هو بالضبط وماذا انتج من قصائد لم يتم تقديرها كما يجب «تصوروا!» بكل ما أوتي من فجاجة وبذاءة و(نخيط) وتلويح بالمسدس فوق كل هذا، بل (وشحنه).. كل هذا على الرغم من انه المخالف لقواعد القيادة طبعاً.! باختصار.. أريد الخلوص الى ذلك الفرق بين السمو الشاعري والإنساني الحقيقي وبين التنطع الإبداعي ورداءة الشخصية.. الفرق القيمي الشاسع بين نموذجين. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك