أكاد أجزم بالقول بأنه لن يكون هناك أي توافق سياسي حول مخرجات القضية الجنوبية طالما وهناك معادلات غير متزنة أطرافها لا ينظرون إلى القضية سوى من منظور كيفية تعقيدها وليس حلها .. فالجهود المبذولة لم تخرج من إطار الخلاف المناطقي الذي يقود إلى مزيد من التناحر والانحراف عن مسار الحلول المُترقبة التي لن تكون إلا بنية الإصلاحات الحقيقية الناتجة عن دراسة جدية وتشخيص منصف للواقع بحيث تكون هذه الدراسة معطيات يمكن من خلالها معرفة السلبيات ونقاط الخلاف ومعالجتها بعقلانية بعيدة عن التعبئة الخاطئة المتجهة صوب التفكك الذي يجسد حلم العودة لشخصيات لم تنجح في زمنها وها هي تحاول نهب زمن غيرها لتثبت فشلها مُجدداً بسلوك أكثر قبحاً من سياسات باتت مكشوفة . الحاجة الآن مُلحة لصحوة وطنية بداخل كل مواطن بعيداً عن ثقافة الكراهية التي تُدرس بالمجان بجوفية مفتقرة للامتلاء بحقائق الأمور التي تبحث عن حل لقضية وليس عن هوية متناحرة يُشاء لها أن تكون بمصطلحين شمالي وجنوبي لإرضاء شخصيات بهم من العقد النفسية ما يكفي لمجافاة الواقعية التي يشيدها إعلامهم بحواجز شامخة بالعِداء وعدم القبول بالأخر . الهوية اليمنية لن تقبل المناصفة بين شمال مجروح وجنوب ينزف طرفان هما أصلاً نسيج اجتماعي واحد تحاول المطامع السياسية تفريقهم من خلال التعقيدات الممنهجة التي من الطبيعي أنها لا تسعى إلى التوافق وتقريب وجهات النظر بل تطمح في تحقيق أهداف تخدم مصالحهم كمتاجرين وانتهازيين يحاولون الاصطياد من الماء العكر في ظل الأوضاع الحرجة التي تحتاج إلى مواقف وطنية تخرج المشهد السياسي من هذه الأجواء المتشابكة . بقايا حبر سياستهم الهوجاء وذكاءهم المحصور في الزعامة أنتجت قناعة بأن اليمن لا تتسع للجميع لدى شعب لا يفقه من الحياة سوى كيف يكون كادح وما يحدث الآن تحت مسمى الهبة الشعبية خير دليل على غياب الدولة وحضور الزعماء..!! [email protected]