أشياء كثيرة في بلادنا تتجه صوب المجهول سواء كانت واقعاً أم قراءة افتراضية لنتائج ما بعد اليوم الضبابية والعتمة هما من يجسدان المبرر الأكثر قبولاً لعدم فهمنا للمراحل والمواقف التي نعايشها ونتفاجأ بها؛ ولكن من بين كل هذا الغموض مشهداً واحداً هو الأكثر وضوحاً وهو مصير أي مبدع يمني. «إكرام المبدع دفنه» هذه العبارة المقتبسة من وحي الحقيقة تقود إلى معرفة مصير المبدعين في بلادنا جعلتني أتوصّل إلى قناعة مطلقة أنه عندما أسمعهم يمجّدون أي مبدع عبر وسائل الإعلام؛ أيقن يقيناً لا يخالطه شك أنه قد فارق الحياة، لا يحتفون بالمواهب سوى عند رحيلها، الموت هو الحدث الوحيد الذي يلفت انتباههم، احتفاء يليق بالحسرة التي تصدح بها تناهيدنا حين تكون آخر عبارات الاحتفاء «قضى معظم حياته في خدمة الوطن»..!!. وتبدأ وسائل الإعلام تردّد باسم وزارة الثقافة: «كان وكان وكان» قبل أن يصبح فعل الكينونة بصيغة الماضي، أين كانوا يا ترى..؟! طبعاً الإجابة من المستحيل أن تكون مقنعة؛ لأن المبرّرات الساذجة لا تقبل أن تكون بحجم تذمُّرنا. شخصيات كثيرة دفنت إبداعها تحت قسوة الظروف ليست بقناعتهم ولكن لإرضاء حقيقة تلامس أحلامهم البائسة في وطن لا يتسع سوى للوساطات والمحسوبيات، هذه مؤهلات جعلت من أتفه الناس مبدعين ومتألقين في كل محفل تردّد أسماؤهم بتوصيف المبدع وهم لا يملكون من الإبداع سوى الترويج، عنصر يتوكأ عليه عجزهم أن يكونوا كذلك، والمبدعون الحقيقيون يقبعون في أزقة الوطن بحثاً عن كرامة العيش كحق إنساني يسعون إليه بوسائل أخرى بعيدة عن الإبداع الذي أحياناً يعجزون عن توظيفه بسبب غياب الدعم والإمكانيات المادية، وهذا نموذج لشريحة كبيرة منهم، أما النموذج الآخر فيحقق نتيجة تتناقض مع تجاهل الحكومة وعدم اهتمامها وهي الاستمرار بالعطاء إلى حد البذخ، وهذا النموذج لا تختلف نهايته عن الأول «كان وكان وكان» تخدير للتذمُّر كلما تعالت الأصوات: لماذا يكون هذا مصير مبدعينا..؟!. بقايا حبر: أحدّّق في غسق التيه لأرى جيداً كيف يتدفّق الحزن من وهم الاحتمال هكذا بدت ملامحه كثيف الحلم ممتلئ الأوجاع يُشبه رعشة جفن اكتحل بصقيع الحظ..!! [email protected] رابط المقال على الفيس بوك