عقب كلمته القيمة الهادفة أمام أعضاء مؤتمر الحوار الوطني في جلستهم العامة والثالثة ليوم الثلاثاء المنصرم وقف الأعضاء الحاضرون تحية وتقديراً لعضو المؤتمر القاضي: أحمد عطية، إعجاباً وتقديراً لفحوى كلمته الموضوعية الصادقة التي كانت معبرة لا عن المتحدث وحسب، وإنما عن جمهور الحضور والمشاهدين والمستمعين لما تضمنته من قول قاضٍ، عادل، صحيح، ومما جاء في كلمة المتحدث قوله: بضرورة وجود ضوابط ضمن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني تنظم الفتوى، ثم أضاف مستنكراً الإشاعات التي تناولت العديد من الافتراءات والاتهامات المغلوطة على تقرير أعضاء فريق عمل بناء الدولة، ثم واصل حديثه القيم المخاطب فيه العقل والمنطق والبعيد عن دغدغة العواطف فقال: ليس كل من تولى الوعظ والإرشاد صالحاً للوعظ والإفتاء، وإن الإسلام ليس ملكاً لحزب أو جماعة أو طائفة، أو شيخ، ثم شدد في كلمته ضرورة أن لا يكون الخلاف السياسي أو الاختلاف في وجهات النظر المختلفة وسيلة في إلصاق التهم بالآخرين ورميهم بالخروج عن الإسلام، وجعل الكفر والإيمان والإسلام متارس ضد خصوم السياسة، الأمر الذي حدى بنائب رئيس مؤتمر الحوار، رئيس الجلسة ياسين مكاوي بالقول: لقد أثلجت صدورنا واستفززت العقول الشيطانية التي لا تريد أن تخرجنا من المؤتمر إلا ونحن كفار، والله المستعان.. هذا ما جرى ويجري من تجنٍّ وقدح لأعضاء «فريق عمل بناء الدولة» العامل في إطار مؤتمر الحوار الوطني، وعلى نطاق ومستوى المحيط الخارجي لمؤتمر الحوار الوطني، وبوجه خاص ما تتناوله وسائل الإعلام المختلفة وبصفة خاصة القنوات الفضائية فحدّث ولا حرج.. فخلال الأيام المنصرمة وأنا أتابع ما يجري بها من أخذ ورد والنقاشات على أشدها حول وثيقة الحلول المعدة من قبل الفريق المصغر لفريق القضية الجنوبية والتي سميت «بمخرجات اللجنة المصغرة» ففي أثناء مشاهدتي لحالتين أو بعبارة أدق لمشهدين من حلقتين بثتا من قناة «السعيدة» الفضائية تحت عنوان «نقطة تحت الضوء» ففي الحلقة الأولى والتي كان المتحاوران ينتميان لفئات الحقوق والقانون بالمجتمع، فإن أحدهما أبى إلا أن يصر على جهله ونكرانه لمعنى «الفيدرالية»، والاتحادية وأنهما معنيان لمسميات يختلفان عن بعضهما، مع العلم إن المصطلحين وجهان لعملة واحدة. فلا أدري ما إذا كان ذلك حقاً هو جهل منه، أم أنه حالة من حالات المناكفة والكيد والعناد، وللأمانة فقد كان قرينه في الحوار أكثر موضوعية وثقة بطرحه. وأما المشهد الآخر الذي شاهدته على نفس قناة البرنامج فقد تم بثه في يوم آخر تحت نفس العنوان آنف الذكر بين اثنين من المتحاورين أحدهما كما يبدو من «السلف» وقرينه الأستاذ شوقي القاضي، وبالرغم من أنهما ينتميان إلى تيارات الإسلام السياسي، إلا أن الأستاذ شوقي قد منحه الله سعة واسعة من الثقافة والفهم لجوهر الإسلام الصحيح، ومع ذلك تكرر نفس اللت والعجن في بعض العبارات والمصطلحات القانونية الغائبة عن فهم واستيعاب المحاور الآخر، وكان يفترض بمن يدير جلسة الحوار حسم المشكل والالتباس وتوضيح أية معانٍ وأبعاد تجاه القضية المطروحة للنقاش، حتى يكتسب المشاهد المحاور التي خانته ذاكرته الفهم والمعرفة بأي قصور بالموضوع، فإدارة حوارات مثل هذه الحوارات تتطلب قدرات إخصائية متمكنة من فض أي نقاش يحتدم ويستعصي حله بين المتحاورين. ومدير الجلسة بمثابة الربان للسفينة الممسك ببوصلة مسار الاتجاهات والمقود بيده للوصول إلى الشواطئ الآمنة.. إننا على وشك أن نلج مرحلة جديدة في حياتنا تختلف اختلاف جذرياً عن مراحل السير على الهامش، وعندما نعني ونقول بدولة مدنية حديثة فإن لها مدلولاتها ومعانيها، وكذلك لها قوانينها وأهم قوانينها، وخلاصة معانيها يتمثل بحديث الرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة والسلام والذي مثّل فهماً علمياً لبدو الجزيرة حيث جاءه الأعرابي قائلاً له: هل أعقل ناقتي يا رسول الله أم أتوكل، أجابه الرسول: أعقلها ثم توكل، وهنا تجلت حكمة الرسول وبُعد نظره لشئون الناس الدنيوية.. فلا مجال في الدولة المدنية الحديثة للأعمال الارتجالية والفوضوية، أما في يومنا هذا فإن العالم بما يزخر به من تقدم هائل وعجيب على كافة المستويات والقارات والبحار، وقد تجاوز كل هذا إلى الكواكب الأخرى، فإن كل ما تحقق له وأحرزه فلم يكن بالشعوذة والخرافة، ولا بالتوكل السلبي، وإنما حقق كل ذلك بالعلم والحساب لكل أمر من أمور الحياة.. فالصحة لا بد لها من حساب والتعليم والتغذية.. الخ. وبعد،، فإننا نؤمل آمالاً كبيرة ومبشرة بانفراج يُخرج أوطاننا العربية مما هي فيه، ونتفاءل بالنتائج الموفقة التي أنجزت وتمت خلال اليومين الماضيين بمباركة راعي الحوار الوطني الأخ رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي.. وقد ترافق كل هذا وتزامن مع ماتم إنجازه من خطوات في منطقتي دماج وصعدة، وبهذه المناسبة نحيي لجنة الوفاق التي تحملت الكثير من الأعباء والمتاعب لاستتباب الأمن والسلام بين المتحاربين، فالدماء التي تراق دماء يمنية وخسارة ألف خسارة إراقة الدماء على أمور لا تُسمن ولا تُسغني من جوع، وإنما المستفيد من كل هم ذلك أعداء اليمن.