بعد مرور قرابة عام على انعقاد مؤتمر الحوار الوطني، انهمك اليمنيون خلاله في سجال حضاري وبناء بشأن صياغة مستقبل الوطن وتجنيبه مخاطر الانزلاق في أتون صراعات مدمرة..بعد هذه الفترة الزمنية ، يستعد اليمنيون خلال الأيام المقبلة طي صفحة هذا السجال والتحول إلى مرحلة تطبيق مخرجات الحوار الوطني ،خاصة بُعيد توقيع كافة المكونات على وثيقة حلول وضمانات القضية الجنوبية. وحسنٌ أن تستكمل باقي فرق العمل المنبثقة عن مؤتمر الحوار مناقشة وإقرار أوراق عملها ومخرجاتها النهائية وتحديداً فريقي «بناء الدولة» و«القضية الجنوبية».. وهي خطوات إجرائية ذات أهمية استثنائية لصياغة تسوية مقبولة من قبل مختلف أفرقاء هذه التسوية خاصة بعد التوقيع على وثيقة حلول وضمانات القضية الجنوبية، وذلك قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية من تفاصيل المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ذات الصلة بالأزمة. وليس غريباً القول بأن اليمنيين يحبسون الأنفاس مع اقتراب موعد اختتام فعاليات مؤتمر الحوار، وذلك بالنظر إلى جسامة وعظمة ما تعنيه هذه المرحلة التي تمتد بتأثيراتها على حاضر ومستقبل الوطن. ولا يمكن التقليل هنا من حجم الإنجاز التاريخي الذي قادته هذه القوى وجهد الرئيس عبدربه منصور هادي المتفاني والدؤوب لإنجاز هذا التحول التاريخي، خاصة وقد بدأت تلوح في الأفق ثمرات هذا التوافق الوطني الذي يؤسس لمرحلة جديدة تتجذر فيها عوامل استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية وبما ينعكس تلقائياً على مختلف جوانب حياة اليمنيين. إن الأمر لا يقتصر فقط على مشاعر اليمنيين الجياشة والمتفائلة تجاه الانعطافة الايجابية لهذه التسوية، بل إن هذه المشاعر تشمل الأشقاء والأصدقاء ممن رعوا هذه التسوية وذللوا أمامها كافة الصعوبات، حيث يتطلعون بإعجاب كبير لما اجترحه اليمنيون وهم يلجأون إلى خيارات الحوار السلمي وتغليب الحكمة للنأي بوطنهم من مغبة الذهاب إلى متاهات الصراع الذي غرقت فيه دول ثورات الربيع العربي حتى أرنبة آذانها!! وعلى قاعدة هذا التحول، يجب أن يبدأ الجميع التشمير عن سواعدهم لبناء تجربة جديدة وثرية تقوم على معايير إحلال الدولة الضامنة لكل اليمنيين بدلاً عن الدولة المركزية المستبدة والغارقة في الفساد.. وبالتالي إقامة منظومة الحكم الاتحادي الديموقراطي التعددي الذي يتساوى فيه اليمنيون تحت ظلال القانون دون استثناء. وتبعاً لذلك.. فمن حق اليمنيين أن يتفاءلوا بما تم إنجازه حتى الآن، خاصة أن ملامح الفترة المقبلة تتبدى واضحة وجلية في صياغة منظومة حكم متكاملة تضمن إقامة مستقبل يبشر بالخير وبحيث يحق لكل اليمنيين الفخر بهذا الإنجاز الحضاري غير المسبوق.