لم أستطع أن أرى إب كما أحببت، رأيتها بنصف وجه لم يكتمل، طبيعة خلابة برغم الشتاء، السحب تسير تحتنا، وكأن المدينة تنفث تأوهاتها على قمم الجبال، شعرت أني أُخلق من جديد، هنا ولادة بين الضباب. اندهشت لتلك العمارات الحديثة والجميلة والمباني التي تلتف بالخضرة مع بهتان اللون الشتائي، وكأن الطبيعة تأبى أن يحل محلها العمران المدني دون أن تنادي بحنين ذلك الإنسان، أغلب من يبني تلك المباني هم من الأهالي المغتربين الذين لم يحتضنوا الوطن، الجيل الذي هاجر لطلب الرزق وهم لا يدركون عظمة هذه المدينة ومخزونها السياحي، التي تؤهلها لأن تكون من أروع مدن العالم سياحة، وهذا هو النصف الآخر المكلوم، أبناء المدينة يبحثون عن لقمة العيش، يتسابقون في اقتناء الموتورات والباصات للحصول على الرزق، الأغلب يهجر المدارس، والشباب مؤمن أن لا جدوى من التعليم والشهادات، وفي الجامعة حين رأيت تلك السائلة من المستنقع والطحالب لم أصدق ذلك الإهمال المؤلم، وفي كل شارع الكثير من الملصقات التي تؤجج الطائفية والفرقة الدينية، فأين الجيل الجديد الذي قام بالثورة؟ أين الصورة المزهرة التي توقعتها لجيل التغيير؟ ولماذا لا يوجد أحد من أولئك الذين عادوا من الخارج بأموالهم ليستثمروها في مدينتهم لرفع مستواها الاقتصادي ولو في مجال تنشيط السياحة، حيث وأن الدولة غائبة عن كل ذلك، لماذا لم ننجب أبناءً محبين لهذا الوطن، كل من هاجر وعاد لا همّ له إلا كيف يؤمّن نفسه، وينال النجاح تأمين رصيده، حقاً إنه وطن ميت بشعبه.