تتضارب الأنباء, وتتسارع على وتيرة تبدو وكأن فيها شيئاً من التهليل, والانشراح, لا أجد له تفسيراً, سوى الجهل بأن لا نصر هناك, ولا منتصر, ولا شيء سوى الخسارة, سباق خبر عاجل على أشده, هذه الأيام عن معارك الشيخ, والسيد, في حاشد, وحوث, وأرحب, خصوصاً مع توسّع الرقعة الجغرافية للمعارك, واشتدادها. لم تعد الحرب هناك غريبة علينا, لكن الغريب موقف «الطناش» على الرغم من توسع رقعتها الجغرافية, والتي غدت قريبة من العاصمة, الغريب بقاء الحكومة مكتوفة اليدين أمام نارها المستعرة, التي ستأتي على الأخضر, واليابس لو استمر الموقف لا يزيد عن «لجان وساطة» ولا أكثر. بعيداً عن الحرب, بالإنابة, بين الشيخ, والسيد, وحماقة قادتها, ووقودها من الرجال, وأسبابها التي تحمل في باطنها, غير ظاهرها, هناك بعد إنساني لمتضررين, وضحايا غير أولئك الذين يتصدّرون الأخبار إما قتلى, أو ناجون, ضحايا تطحنهم رحى الحرب هناك, وبلا رحمة, وتتناساهم وسائل الإعلام المنتشية, بنصر زائف لهذا, أو ذاك, الكل يتغاضى عنهم كما لم يكونوا أصلاً وكأن أولئك القتلى, والقتلة, والجرحى, والمتورطين في تلك الحرب بدون يدٍ أو حيلة, ليس لهم نساء, وأطفال, يعانون الويلات جراء كل هذه الحماقات التي تحدث ,وللأسف بمرأى, ومسمع من الدولة. لا تهتم المواقع الإخبارية ولا تتسابق إلا بعاجل أنباء عن إصابة الشيخ، أو أنباء عن إصابة السيد, والحقيقة.. لا يقتل في «حروبهم المقدسة» تلك لا السيد، ولا الشيخ, وحدهم المغيبون, والمنومون قبلياً, ومذهبياً, من يقضون في تلك الحرب اللعينة, ووحدها قلوب النساء, ودموع الأطفال, وأحزانهم, هي من تدفع ضريبة كل ذلك الجنون, والعبث تشريداً, وأحزاناً، وجعاً, وفقداناً, في الحقيقة لا نصر هناك إلا للفناء, وللموت، والخراب. لا تتوقف مأساة النساء, والأطفال, في بلد الحكمة, والإيمان, فللموت رايات عدة, تحصد معها الكثير من الأبرياء, الذين لا ذنب لهم سوى أن الظروف أجبرتهم على التواجد في مرمى الخطر, والعبث و اللا إنسانية, وانعدام الضمير, منذ أيام روّعنا خبر مقتل عشرين من الجنود, قُتلوا غدراً وهم يؤدون فريضة الصلاة, وبطريقة بشعة, كان القتل حتى بلا شرف المواجهة وجهاً لوجه, بعد مقتلهم هناك ترى ما هو التعويض الذي ستجده نساء, وأطفال أولئك الجنود الذين قضوا اليوم في سيناريو المماحكة المشئوم, وما هي التعويضات التي ستقدمها الدولة لهم خصوصاً أن ذاك الجندي الأب, والزوج, قضى وهو يؤدي الواجب تجاه الوطن, ما هو التعويض عدا ذلك الراتب الزهيد «الكم ملطوش» آخر الشهر, الذي وللأسف لا يسد لهم جوعاً, ولا يؤمنهم خوفاً, بل ولا يفتأ يذكّرهم بمرارة الفقد, واليُتم, في بلد كل من فيه منسيون. الرحمة,والخلود لأرواح الجنود الذين قضوا بالأمس, وسيقظون غداً, باستمرار سيناريو الحسابات, والمماحكة, وصمت الدولة, وغياب حضورها الإيجابي الفعّال, لا حل إلا بحضور دولة القانون, والنظام, والعدل, وإلا فالمشاريع الصغير ة, والأطماع الشخصية ستجعل من الوطن قبراً كبيراً, وسيكون النصر, والبقاء, للفناء, والموت فقط.