شريحة من الشباب المثقفين والمبدعين والمؤهلين يطلق عليهم «متعاقدون» يعملون بشكل دؤوب ومستمر ولكن الألم يعتصر أجسادهم وأرواحهم من معاملات قاسية وأجور شهرية لا تسمن ولا تغني من جوع، رواتبهم لا تتجاوز عشرين ألف ريال قابلة للخصم والشطب والطرح والقسمة. محرومون من كل الواجبات لا تدريب ، لا تأهيل لا ترقية، لا مكافأة،لا إجازات، ولا حتى أم الجن تجيء تتحملهم.. المتعاقد ضبحان كلحان غلبان على نفسه جل اهتمامه وغاية مطلبه أن يأتي اليوم الذي سيسمع فيه قراراً مدوياً يقضي بتثبيت المتعاقدين . المتعاقد شاب لدية القدرة والكفاءة وجدير بالأعمال الموكلة له ولكن تجده أمامك رجلاً مسبّع مربّع ولكنه خارج التغطية من كثرة الهم والغم الذي ينتابه تقول له استوى في اليابان فيضان أغرق مليار نسمه وحصل في الصين زلزال دمر نصفها ! يُجيبك وبتحسر والزفرات والتنهدات تتناثر من حنجرته هاه أوه ايوه طيب تقول ما فيش خبر على التثبيت. يا ساتر أنت في وادي وهو في هيجه مش انه مجنون أو مختل بل أصبح عنده موضوع التثبيت هاجس يلازمه ليل نهار . من كثرة الطنّان “ تقول له عمرٌ ويكتب خالدٌ وتقرأهُ زيدٌ ويفهمه سعدُ” فالتفكر في موضوع المتعاقدين يزيد من الإيمان بالله ! سبحان الله العظيم كيف يقدر المتعاقد يعيش على راتب عشرين ألف ريال خاضعاً للضرائب والجمارك والشحن والتخليص. فيلكن للكل محطة وقوف إجبارية «تفكيرية» عند هذه القضية . وأن المتعاقد يحترق دمه وتكفهر شفتاه ويغشى على سمعة وبصره نهاية كل شهر عندما يستلم الصدقة عفواً أقصد الراتب والديون أضعاف مضاعفة فوق رقبته. مساكين جداً والله سيماهم في وجوههم من أثر التقشف على أنفسهم مساكنهم حوانيت صغيرة ووجباتهم مفضلة سريعة الصبوح حبه خمير و الغدا نص عصيد والعشا محرم. ولكن اعتقد بأن الخُبرة لم يدركوا ولم يعلموا بأن قضية مثل هذه قد ترقى لأن تكون جريمة أو انتهاك سافر يُمارس ضد هؤلاء المتعاقدين .. فخامة رئيس الجمهورية الكل يشهد بالحنكة السياسية والمواقف الشجاعة والعمل الدؤوب وبأنك ربان سفينة الوطن من فوضى الحرب والدمار إلى بر الأمن والسلام. وعليه ومن منبر هذه الصحيفة الغراء يناشد المتعاقدون فخامتك وأملهم فيك بعد الله سبحانه وتعالى بأن تنصفهم في قضيتهم . كونها من القضايا المهمة جداً وكونها من القضايا التي تم مناقشتها في مؤتمر الحوار الوطني وإلا ما قيمة الثورة وما قيمة مؤتمر الحوار وما زال هؤلاء الشباب يتجرعون من نفس الكأس بل وأشد مرارة وهم من نادوا بالتغيير آملين بصيصاً من نور ينقذ حياتهم ولكن للأسف فهم إلى الآن كالمستجير من الرمضاء بالنار .. يا فخامة الرئيس لا تصدق للتصريحات الهوجاء والمبالغ فيها من قبل الخدمة المدنية بأن الدولة تنفق أكثر من تريليون ريال للموظفين فلماذا لا يحل هذا الرقم مشكلة المتعاقدين والمقيدين بالخدمة المدنية بدلاً من الفساد المستشري من ازدواج وإحلال وظيفي ومتقاعدين ووهميين ومغيبين.. وهلم جرا . أخيراً المتعاقدون جزء من هذا الوطن وهم من خيرة الشباب وعلى علمٌ واسع بأن الوطن يمر بأوضاع اقتصادية صعبة ومشاكل واختلالات جمة ولكن بإيجاد الحلول العادلة والعاجلة لقضيتهم سوف تساهم في خروج اليمن من أزمته الراهنة وستسهم أيضاً في بناء ونهضة الوطن بكل جوانبه وهم يصرخون بكلمة واحدة ولسان واحد قائلين “ تثبيتنا هو مطلبنا الوحيد” ونحن بانتظار وعلى أحر من الجمر لسماع القرار الحاسم العاجل بتثبيت المتعاقدين. [email protected]