بات واضحاً أن هناك ضيقاً يتمدّد ويتسع من العمل الصحفي والإعلامي في بلادنا، وهذا الضيق يُلمس من خلال الاستهداف الواضح والمعلن ضد بعض الإعلاميين والصحافيين وعدد من وسائل الإعلام على اختلافها. لم تعد الصحافة اليمنية تنعم بذلك الهامش الحر الذي كان متوافراً قبل سنوات، فالتهديدات التي يتلقّاها العديد من الصحافيين، والحملات الإعلامية التي تستهدف وتطال زملاء الحرف والكلمة لم تعد خافية، بل أصبحت تُذاع ويُشاهدها الملايين من أبناء الشعب على الهواء مباشرة من قبل بعض الشخصيات التي يتم استضافتها عبر القنوات الفضائية المختلفة وتكشف عن ضيقها مما يُنشر في الصحافة المحلية ومن بعض الصحافيين والإعلاميين اليمنيين. الصحفي والإعلامي اليمني هو الأكثر تهديداً من بين صحافيي وإعلاميي العالم، وهو الأكثر عُرضة للاعتداءات، والأكثر تعرُّضاً للنقد من قبل المسؤولين الحكوميين. والمؤسف أن البعض من هؤلاء يذهبون للانتقام من الصحافيين والإعلاميين؛ لا لشيء إلا لكونهم قاموا بإجراء لقاءات صحفية مع شخصيات يختلفون معها بالرأي أو يوجّهون إليها الانتقادات!. سلسلة من الهجمات الوحشية تعرّض لها الصحافيون والإعلاميون اليمنيون خلال الثلاثة الأعوام الماضية سواء عبر التهديد أم الاعتداء أو التشهير والإساءة، إضافة إلى ذلك التعرُّض للاختطاف والقتل!. الصحافي والإعلامي اليمني يمارس عمله في جوٍّ من القلق وفي ظل انعدام كلي للسلامة المهنية التي يتمتع بها غيره من الصحافيين والإعلاميين في العالم!. إن مشكلة الصحافي والإعلامي اليمني تكمن في غياب النقابة التي ترعى مصالحه، وإن وجدت اسماً إلا أنها تكتفي بإصدار البيانات المندّدة والمستنكرة لمجمل الانتهاكات التي يتعرّض لها، ولا شأن لها بعد ذلك بما سيحدث أو بما سيتعرّض له من انتهاكات..!!. والمشكلة أيضاً أن بعضاً ممن نسمّيهم زملاء الحرف والكلمة هم من يتولّون القيام بالإساءة والتشهير ضد زملائهم الآخرين، وذلك بسبب الانتماءات الحزبية الضيّقة أو بتوجيهات من بعض القيادات والشخصيات التي تجد في هؤلاء وسيلة لمواجهة كل من ينتقدهم بحسب تفكيرهم المريض. ولا شك أن ما تعرّضت له مؤخراً الزميلة والمذيعة الإعلامية رحمة حجيرة من تشهير وإساءة من قبل بعض الزملاء للأسف الشديد يبعث العديد من التساؤلات التي تصبُّ في إطار العمل الصحفي نفسه. ما دور نقابة الصحافيين اليمنيين تجاه الزملاء الذين يقومون بالتشهير والإساءة ضد زملائهم الآخرين لمجرد الاختلاف في الرأي أو في الانتماء أو في التوجه؟!. قد نختلف مع الزميلة رحمة حجيرة أو مع أي زميل آخر؛ ولكن لا يمكن أن تصل درجة الاختلاف إلى حد السفاهة والبذاءة والسقوط اللا أخلاقي لزملاء المهنة. لا ندري متى سنضع حداً لهذا النزيف المهني والأخلاقي الحاد، ومتى سندع الاختلافات الحزبية والتباينات السياسية ونتعامل بمهنية مجردة؟!. إن الخروج عن آداب وأخلاقيات المهنة والذهاب صوب الإساءة والتشهير ببعضنا نحن الصحافيين والإعلاميين يشوّه الرسالة الصحفية ويسيء إلينا، ويحوّل العمل الصحفي إلى ساحة وميدان لتصفية الحسابات الشخصية ويحوّل الصحافي إلى مجرد أداة في يد الغير يسيِّره كما يشاء. وهنا يجب أن ندرك جميعاً أن التأسيس لمشروع صحافة محترمة لن يتحقق في ظل هذه الإساءات المتبادلة بين الصحافيين والإعلاميين أنفسهم؛ وإنما من خلال الاحترام المتبادل الذي يعزّز من قيم المهنة وآدابها فيما بيننا أولاً.. وتجاه المجتمع ثانياً. [email protected]