الوفاء قيمة عظيمة يتصف بها العظماء والشرفاء، وهي مختصة بالإنسان دون سواه، فمن فُقد منه الوفاء فُقدت منه الإنسانية؛ فما بالك ونحن نتحدّث عن الوفاء للأوطان، هذه القيمة العظيمة والشرف الكبير الذي نتشرّف جميعاً بحمله وهو أصل الصدق وعنوان الاستقامة. الوفاء للأوطان عزّة وكراة ومنقبة من مناقب الشرف والكرامة، وهي أساس الثقة في المجتمع ومنهج عملي لكل فرد ينتمي إلى هذا الوطن الذي لن يستقيم حاله ولن يتقدّم خطوة إلى الأمام ما لم يكن أبناؤه الشرفاء في مقدّمة المضحّين والمخلصين له. حينما نقول إن المرحلة القادمة يجب أن يكون عنوانها الوفاء؛ فإنه يجب أن يترجم هذا المبدأ إلى واقع عملي نراه فيما بيننا من خلال الانتماء والحب والإخلاص في أقوالنا وأفعالنا، والعمل الجاد المثمر، والالتزام بالأنظمة والقوانين والقرارات وما توافق عليه كل اليمنيين في حواراتهم السابقة. الولاء والانتماء إلى الوطن في المرحلة القادمة يجب أن يضعه كل اليمنيين في حدقات عيونهم، وينقشونه في قلوبهم وعقولهم، فالتضحيات التي قدّمت من أجل الوطن كبيرة، وهو يستحق منا الوفاء لكل من قدّم روحه رخيصة في سبيل رفعته وعزّته لتبقى هذه الأرض كريمة حرّة ويبقى أبناؤها شرفاء كرماء. لقد استكمل اليمنيون حوارهم الوطني وتوافقوا على مخرجاته وترجمة بعض هذه المخرجات على أرض الواقع؛ الأمر الذي جعلنا نشعر بنوع من الاطمئنان والأمل والوقوف صفاً واحداً وبإصرار المؤمنين بوطنهم أمام كل المعوقين والمتخاذلين، ولم يبق أمامنا إلا أن نشارك وبفعالية في الإجراءات التصحيحية لكل المرافق التي طالها الفساد والفوضى ووضع أيدينا في أيادي الكوادر الوطنية النظيفة الذين لا همّ لهم سوى مصلحة الوطن وأمنه واستقراره، وهي مرحلة جديدة يجب أن يبدأها اليمنيون حتى يسطّرون صفحة جديدة في سفر مستقبل وطنهم المشرق بإذن الله. البسمة ترتسم على شفاه الجميع، ونشوة الفرح والسرور تحلّق بين كل أبناء الشمال والجنوب وبين الشرق والغرب معلنة بداية عهد جديد يرسم ملامحه كل أبناء اليمن الشرفاء، وأنا على يقين أن تلك المشاعر الثورية والحب الصادق الذي عبّر عنه اليمنيون في احتفالهم الأسطوري بمناسبة ثورتهم العظيمة هي الضمان الحقيقي لاستكمال الوطن مسيرته التنموية. ويحق للوطن اليوم أن يفتخر بهذه الروح العالية التي جسّدها شباب الثورة وهم يعلنون وقوفهم ودعمهم القوي للخطوات الجادة في استكمال مخرجات الحوار، فمن أشعل الثورة جدير بأن يرعاها ويحميها ويعمل على حراستها حتى آخر لحظة.