يعتمد تقدم وتطور الشعوب والأوطان على ماتمتلك من شباب لديهم القدرة و الكفاءة العلمية والمهنية القادرة على الانتاج والإبداع والابتكار وفوق كل ذالك على مالديهم من ولاء وطني عظيم . والمتأمل لشبابنا اليوم يجد ان معظهم محبطون لا يحبون وطنهم ويتمنون لو كانوا خلقوا في اوطان اخرى او يستطيعون الحصول على جنسيات مختلفة , يؤكد ذالك تهافت الكثيرين من شبابنا وخاصة المؤهلين من حمله الماجستير والدكتوراه على ابواب سفارات الدول الصديقه والشقيقة للحصول على فرص عمل تزيد من رفع مستواهم المعيشي تحت مبرر ان الوطن لم يقدم لهم فرص عمل حقيقية يحققون من خلالها احلامهم و رفاهيتهم . قد يكون هذا السلوك من حقهم لاسيما في ظل فساد انتشر في كل مكان وفي ظل انظمة وحكومات لم تقدر قيمة وثمن شبابها ولم تهتم بالعلم والعلماء وأصحاب المؤهلات العليا , ولم تقدر دورهم في التنمية والتطور وبناء المستقبل . ولا احد يستطيع ان ينكر ان للشباب اليوم هموم ومشكلات كبيرة ومعقدة ابتداءً من صعوبة الحصول على وظيفة وانتهاء بالحصول على سكن او وسيلة مواصلات . ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا يحمِّل الشباب الوطن مسؤولية تراكم وتعدد تلك المشكلات؟ وبالتالي لماذا قل _ ولا نقول انعدم _ عند بعضهم ولاؤهم الوطني المتمثل بحب الوطن والتضحية بكل ما نمتلك من اجل الحفاظ على ترابه وأمنه واستقراره؟ ألا يدل انخراط بعض شبابنا في المنظمات الارهابية التي تدمر الوطن على ضعف الولاء الوطني لديهم ؟ ان انتشار الفساد في كل المرافق ونهب ثروات وأموال الوطن وعدم تطبيق معايير العدالة والمساواة بين افراد الشعب وعدم خلق فرص عمل للشباب ورفع مستواهم الاقتصادي هي مسؤولية الانظمة السابقة والحكومات المتعاقبة وليست مسؤلية الوطن . الوطن ايها الشباب هو تلك الخريطة الجغرافية بحدودها شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً بهضابها وسهولها وبحارها وترابها المقدس . الوطن هو ذلك الهواء الذي نتنفسه في الصباح والمساء بين سهولها وهضابها ومن خلال اشجاره ومرتفعاته وسواحله فيمنحنا الحياة . الوطن هو ذلك الحب الابدي والعشق الازلي الذي تنبض به قلوبنا وتتدفق به الدماء في كل الاوردة والشرايين وصولا الى كل خلية في اجسامنا . الوطن : هو العشق الاول والأخير وكل عشق بعده يزول . ونحن اليوم ننطلق نحو بناء الدولة المدنية الحديثة من خلال قيام الدولة ألاتحادية لابد من تصحيح الرؤية لدى الشباب للعلاقة بين عدم قدرتهم على تحقيق طموحاتهم وأحلامهم وبين حبهم لوطنهم من خلال جلسات حوار حقيقية تصل في نهايتها الى الاعتراف بحقيقة ان حب الوطن اسمى وأعظم من كل شيء صغر او كبر . وإلا ماذا نقول للشهداء الذين قدموا ارواحهم ودماءهم رخيصة دون أي مقابل يذكر ؟ ماذا نقول لشهداء ثورة سبتمبر و اكتوبر وثورة 11 فبراير وللشهداء الذين يقدمون ارواحهم يوميا في كل شبر من ارضنا الطيبة , و ماذا نقول لأولادهم وأحبابهم وعن الثمن الذي قبضوه ؟ خلاصه القول نقول للشباب تحقيق الطموحات والأحلام لن يأتي بسماع ثقافة اليأس والإحباط ولا بالحقد على الوطن ومكتسباته وثوراته وعلى التشكيك بوطنيته وتضحيات شهدائه , ولا من خلال الانتظار الطويل في طوابير الخدمة المدنية للحصول على وظيفة حكومية وإنما يتحقق ذالك من خلال مواجهة الحياة بكل صعوباتها والانخراط بسوق العمل والإنتاج مهما كان صغيرا، فبداية كل نجاح هو شيء صغير. ونقول للشباب ايضا الوطن اليوم على مفترق طرق فكونوا عونا لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني هذه المخرجات هي املكم ونجاحها يعني تحقيق كل احلامكم وطموحاتكم فساهموا مساهمة ايجابية وابتعدوا عن الافكار الهدامة التي تخلق فيكم اليأس والإحباط وحبوا وطنكم واعشقوه عشقا كبيرا فعندما يُعشق الوطن تهون التضحيات ولا نسأل عن الثمن.