تكتسب المطالبة بتغيير نظام حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح شرعيتها من الإرادة الشعبية التي عبّرت عنها في الانتفاضات الحاشدة عام 2011م والتي استجاب لها الرئيس صالح نفسه من أول مبادرة أطلقها للحوار وحتى لحظة تسليمه السلطة للرئيس المنتخب في 21 فبراير 2012م. ولمعرفة تغيير هذا النظام ينبغي التعرُّف على بنيته وركائزها حتى لا يكون مطلب تغيير المشروع سلماً لإعادة بناء هذا النظام وفق معطيات التخلُّص من بعض ركائزه لصالح الركائز الأخرى, حيث الواقع التاريخي لحكم صالح يكشف عن تركيبة مكوّنة من شبكة مصالح تقاسمها الرئيس السابق مع مراكز القوى ممثّلة بمشيخة بيت الأحمر وجيش علي محسن الأحمر وجماعة الإخوان في إطار حزب التجمع اليمني للإصلاح فيما بعد. في هذا النظام احتكرت ركائز القوة السلطة والثروة, واستأثرت بهما ضمن نطاق ضيّق من دوائر القربى الأسرية والعشائرية, حيث تركّزت القيادة في سنحان بين الرئيس وعلي محسن عسكرياً، وفي حاشد بيد المرحوم عبدالله بن حسين الأحمر, وتولّى حزب الإصلاح احتواء الجسم الاجتماعي لسلطة الحكم، وحين أراد الرئيس السابق بناء ركائز قوة محصورة بأسرته؛ بدأ صراع الركائز القديمة يتحرّك عملياً, ليتجه بها نحو التيار العام في الشعب وتحرّكه للمطالبة بالتغيير. ولأن هذا النظام أقصى الشراكة الوطنية وهمّش القوى اليمنية خارج نطاق سنحان وبيت الأحمر في حاشد, فإن القيادات التي هي أقرب إلى مواقع القيادة في هياكل الجيش والأمن تنتمي إما بالولاء أو النسب إلى تلك المراكز، وبالتالي يكون إقصاء نفوذ صالح في نظامه فرصة لبقية مراكز القوى في هذا النظام للحلول محله, والاستيلاء على كامل النظام بذات البنية والوظائف التي كان عليها في عهد صالح ودونه. تغيير النظام يعني إعادة بنائه وتحديد وظائفه على قاعدة وطنية تجسّد الشراكة والمشاركة في السلطة والقرار وفي الثورة والتنمية في دولة يسودها القانون وسلطة يحكمها الرشد السياسي في البنية والوظائف. وبعبارة أوضح، فإن التغيير يشمل مع صالح وأسرته كل ركائز سلطته ومراكز القوى في عهده وفي المقدمة منها بيت الأحمر والمشيخة, وعلي محسن والإقطاع العسكري, والاحتكار الاقتصادي؛ وذلك لا يعني إلغاء هذه القوى أو إقصاءها وتأميم ثرواتها الضخمة؛ بل تحويل أوضاعها الراهنة إلى سياق قانوني وتنافسي لا يحتكر السلطة ولا يستأثر بالثروة, وهذا هو التغيير المنشود شعبياً. [email protected]