لا جدال في أن الانتفاضة الشعبية التي اندلعت مطلع العام 2011م قد نجحت في فرض مطلب التغيير على سلطة الحكم والمعارضة , وكان هذا التغيير محدداً في نظام الحكم القائم , الأمر الذي يعني أن مطلب التغيير تحدد شعبياً ببنية النظام ووظائفه , بأدواته وأساليبه , بمراكز قواه ومفاصل ادارته , وهو ما ينبغي أن يكون. منذ انطلاق التسوية السياسية , ومراكز النظام القديم وركائزه العسكرية والمجتمعية ، تحاول تقييد حركة التغيير في نطاق يبقي على مصالحها المكتسبة ، ويوسع دائرتها على حساب تقليص نفوذ حاشية رأس النظام القديم ، لكن هذه المحاولات لا تصنع سوى عراقيل متعددة قد تنجح في اعاقة مسيرة التسوية ، لكنها لن توقف حركة تغيير النظام. وحتى نشير الى هذه القوى بوضوح نقول تعميماً لا تفصيلاً أنها تلك الركائز التي حمت النظام القديم ومثلت في عهده بديلاً كاملاً لمؤسسات الدولة وسلطات النظام على صعيد المركز كما على صعيد المحليات ، واستأثرت بالمصالح ، ثم التفت مع ضحاياها على مطلب التغيير حين بدأت مصالحها تتقلص لصالح دوائر جديدة صعدت من جيل الشباب ، لكنها كانت وتواصل الآن تقييد حركة التغيير وتحدد نطاقها بالرئيس السابق وأفراد اسرته ، دون أن تعي ان التسلط والاستئثار قد وسع دائرة الاقصاء والاستبعاد ولتشمل شعباً انتفض في العام 2011م مطالباً بالتغيير ولن يتنازل عن مطلبه او ينتقص من شموليته نظام الحكم القديم ركائز ومراكز. على ركائز النظام القديم ان تعي الصعود المتنامي لقوى جديدة ومصالح جديدة ، لن تسمح بعد اليوم ان تستبعد جزئياً او كلياً من دائرة الشراكة الكاملة والمشاركة الفاعلة في المسؤولية الوطنية , ومالم تدرك هذه الركائز البالية والمهترئة هذا الصعود الذي يتمدد في كل الوطن , ويشمل كل الفئات والأعمار , فإنها سوف تنتحر في بحر شهواتها الطامعة في المزيد , وإذا كانت هذه الركائز لا ترى في المحيط من يفرض عليها إعادة حساباتها على اسس وطنية شاملة , فإنها تعمى عن رؤية واقعها وقدرة شعبها على انجاز التغيير , او حتى عن رؤية القوى المتنافسة والمنافسة , التي لن تتورع عن ركوب الاخطار لفرض وجودها وحماية مصالحها. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك