يحسن بنا الاعتراف أن عملية التغيير التي فرضتها حركة الاحتجاج الشعبي على القوى السياسية اليمنية في السلطة والمعارضة والمجتمع، قد توقفت عن الحركة باتجاه الأهداف المحددة بالإرادة الشعبية في الشعار الذي هتفت به الحناجر «الشعب يريد تغيير النظام». إن التسوية التي قبلت بها أطراف الصراع بضغط خارجي لم تستطع أن تتهرب من حتمية التغيير، ولا أن تتجاوز سقفه المحدد عموماً ب«النظام»، لكن هذه التسوية وفرت مناخاً مناسباً لمراكز القوى المتصارعة داخل النظام كي تناور في إعادة إنتاج ما كانت عليه قبل الانتفاضة الجماهيرية، وبصورة قادرة على خداع جماهير الانتفاضة من خلال إزاحة رأس النظام وأقربائه من مواقع السلطة مع الإبقاء على «النظام» بكل منطومته المفاهيمية والعلائقية وأدواته الوظيفية، لكن هذه المحاولة أدخلت عملية التغيير في أزمة متفاقمة وعطلت مسار التسوية إلى حد ما. من المسلّم به بداهة أن حركة الاحتجاج الجماهيرية لا صلة لها بالصراع بين مراكز قوى النظام الذي دعت جماهير الانتفاضة إلى إسقاطه وتغييره، لكن هذه المراكز فرضت نفسها على المشهد حين تعمدت وضع نفسها في صف الانتفاضة الجماهيرية، مستهدفة إزاحة الخصوم وتعزيز قوتها في النظام الذي توهمت أنها سترثه كاملاً بحكم قوتها المادية أولاً، ثم مكافأة لها على الدور الذي أدته ضد النظام نصرة للحركة الشعبية وحماية لها، لكنها اليوم بعد عجزها عن إسقاط الخصم تعيق التسوية، وتمنع حركة التغيير. الفريق العسكري بشقيه، الرسمي والقبلي، يتحكم بالمشهد في محاولة للالتفاف على التسوية التي قبل بها من خلال شروط يفرضها على رئيس منتخب، فلايزال قائد ما كان يسمى «الجيش الموالي للثورة الشعبية» يطالب بإقالة بقايا العائلة، وهو طلب مهما كانت مشروعيته، يحجب حقيقة الحرص على استمرار صاحبه في ذات الموقع والدور اللذين كان يشغلهما في النظام القديم، وقس على هذا مليشيات القبيلة في الحصبة وخارجها. القوى السياسية توافقت سياسياً وحكومياً على رئيس وحكومة، لكنها مستمرة في الصراع على مواقعها ومصالحها تحت سقف الإبقاء على النظام، مع استبدال أسمائه وشخوصه فقط، لذا لم تتقدم التسوية وتعطلت عملية التغيير عن مقاربة أية قضية من ملفات الأزمة الوطنية في صعدة والجنوب، ناهيك عن الحوار الوطني حول النظام البديل والعقد الاجتماعي الجديد للمواطنة والمدنية في الحكم والسلطة والدولة والمجتمع، وهذا الوضع، هل يحركه المشهد الإعلامي لمجلس الأمن في صنعاء؟! [email protected] رابط المقال على الفيس بوك