التنظيمات السياسية في الوطن العربي عامة, وهذه التنظيمات الناصرية تحديداً, بحاجة إلى مراجعة شاملة للإطار الفكري العام, والخطاب السياسي المتحرك في الواقع وبه نحو المستقبل المنشود, ثم الأداة التنظيمية الحاملة للمشروع والمنفذة لأنشطته المرحلية والاستراتيجية بالناس وللناس. في اليمن كان على التنظيم الناصري المبادأة بهذه المراجعة لحظة سنحت الفرصة لذلك في العام 1990م بقيام دولة الوحدة على أسس التعددية والعلنية, وفي ظل التحولات الجذرية في وظائف الدولة والنظام الاقتصادي, لكن التنظيم الوحدوي, واكب المرحلة بما تتطلبه ظاهرياً من تحول شكلي لم يصل إلى الخطاب الفكري وإلى الأداة التنظيمية, لهذا ظل التنظيم بعيداً عن الفاعلية في الخارطة الحزبية والجماهيرية. تحمّسل التنظيم نتائج قعوده عن التجدد والإبداع حتى اندلعت الانتفاضة الشعبية عام 2011م, مكرراً إهدار الفرصة السانحة للتغيير والتطوير, من خلال الهروب من اللحظة الجماهيرية الحاضرة بقوة وعزم في الميادين وخارجها, إلى القوقعة الحزبية في اللقاء المشترك, الذي انتهى كإطار للتحالف الحزبي بانتهاء مهمته التي فرضت قيام هذا التكتل، وبتغير الواقع السياسي بحركة الجماهير وما نتج عنها من فرصة سانحة للتغيير السياسي الشامل في السلطة والمعارضة والمجتمع. كان على التنظيم الوحدوي فور اندلاع الانتفاضة الشعبية الدعوة إلى مؤتمر عام استثنائي لتأطير استجابته الإيجابية للواقع الجديد, لكنه أجّل نشاطه المتباطئ للإعداد للمؤتمر العام العادي, بدعوى الظرف غير المناسب, واستمر يماطل في هذا الاستحقاق بعد التسوية وانتقاء واقع الانقسام بين سلطة ومعارضة بحكومة الوفاق ومؤتمر الحوار الوطني الشامل, وهاهو يتجه بذات الجمود وبالهروب المستمر من مواجهة اللحظة الجماهيرية والمتغيرات الكبيرة إلى قوقعة حزبية منتهية وفشل كامل في الحكومة والحوار. يمكنني أن أقول بضمير مرتاح إن التنظيم الناصري يواصل رحلة الخروج من موقعه الجماهيري ودوره النضالي بهذا الغياب غير المبرّر عن الواقع وحركته المتجدّدة والمجدّدة لكل شيء إلا التنظيم الناصري «المحنّط» في اليمن بتوابيت مقفلة تماماً على البقاء والنماء..!!. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك