انتصر حزب العدالة والتنمية في تركيا فانتصرت معه الديمقراطية والنزاهة في المنطقة والوطن العربي.. لم تكن معركة تركيا الانتخابية عادية ومحلية لكنها كانت معركة مشروع الثورات الشعبية والثورات المضادة.. بدأت المعركة منذ اعتقاد البعض أن الربيع العربي والديمقراطية ستأتي على رؤوسهم، فعملوا بكل مالهم وجهدهم لإسقاط الديمقراطية بمصر ودول الربيع العربي، وما زالت المعركة مستمرة واتجهوا إلى تركيا، ليس لأنها ربيع عربي بل مظلة للديمقراطيات في المنطقة ونموذج مشرق يزعج الأنظمة المستبدة والفاسدة بمشروع تنموي ناجح نقل تركيا من الفشل والجوع إلى النجاح الاقتصادي ومزاحمة الدول الاقتصادية الكبيرة. لقد أسقط الشعب التركي المال النجس والإعلام المدنس بالدجل والدم.. قبل الانتخابات دعمت بعض القوى الإقليمية بزعامة «فتح لله كولن» لتكرر ما جرى في مصر، وهي جماعة إسلامية لها مشاريع ناجحة وفروع في العالم تميل إلى التصوف العملي وكان لها دور في إيصال حزب العدالة والتنمية إلى السلطة وتمثل حكومة موازية في القضاء والإعلام ومثلت دور الدولة العميقة وحزب النور مع فارق الامكانيات الهائلة، وسرت مقولة لاوجود لحزب العدالة بدون «جماعة الخدمة»، إضافة إلى إقناع الأحزاب التركية الكبيرة والمتناقضة للدخول بتحالف ضد أردوغان، وضخ المال من كل جانب و الحملات الإعلامية المدعومة بالتسريبات المشوهة والمربكة. كان المواطن التركي يسمع الشائعات ويرى الواقع فيدرك حجم المؤامرة.. وكان خصوم الديمقراطية في المنطقة يراهنون على سقوط العدالة والتنمية في الانتخابات أو على الأقل تراجعه ومن ثم تسهيل إسقاطه.. والكثير في خارج تركيا جهزوا أمرهم للاحتفال ليس بفوز حزب الشعب التركي بل بسقوط الديمقراطية وفوز الثورة المضادة وما يسموه بالإسلام السياسي في أبرز تجربة له في العالم. والمتتبع لبعض القنوات وفي المقدمة بعض القنوات المخاصمة للربيع العربي وتحرر الشعوب، يرى كيف بدأت بالتهيئة للاحتفال واستضافة المحللين للحديث عن سقوط أردوغان والعدالة صديق الشعوب المقهورة في المنطقة,وكانت إسرائيل تتابع بقلق واهتمام سقوط خصمها اللدود بجهد إخوانه من المسلمين والعرب. اتجه الشعب التركي كله إلى الصناديق وهو أمر مخيف خاصة مع فعل المال والإعلام, لكن الشعب التركي كان كبيراً وواعياً وخرج بنسبة 90 % وهي نسبة نادرة عالمياً ليحصد العدالة والتنمية وأردوغان نصراً تاريخياً في مرحلة تحدٍ وتكالب داخلي وخارجي ليرسل اليأس والإحباط إلى نفوس أعداء الشعوب ويعطي رسالة بانتصار ثورة الربيع العربي في جولة صراعها النبيل مع الاستبداد. تحدث أردوغان بعد الفوز عن نجاح مشروع الشعوب الحرة التي كانت ترقب معركة الديمقراطية، باعتبار المعركة معركة الشعوب والاستبداد.. ورغم أن الحدث محلي إلا أن خطابه لم ينسَ قضايا هذه الشعوب، خاصة فلسطين و مصر كيف لا وخصوم هذه الشعوب وطواغيتها موجودون بأموالهم وإعلامهم ومؤامراتهم في قلب تركيا. لقد أثبتت معركة تركيا الانتخابية أن الوعي هو ما تحتاجه الشعوب لتقاوم كل المؤامرات والمؤثرات المالية والإعلامية والسياسية.. بإمكانكم أن تطلعوا إلى منجزات هذا الحزب الذي قلب الطاولة على المخططات الاستعمارية والاستبدادية لتعرفوا لماذا استعصى الشعب التركي على كل المؤامرات وغسيل المخ وأوساخ المال. [email protected]